حد ذَاتهَا، بل حسنها لأمور مُغَايرَة للذات: وَهِي السد والقهر والسرف وَلَيْسَ شَيْء مِنْهَا بِاخْتِيَار العَبْد، وَلَوْلَا دفع الله الْحَاجة مَا اندفعت، وَلَوْلَا جعله النَّفس مغلوبة مَا انقهرت وَلَوْلَا تشريفه الْبَيْت مَا تشرف، فَلم يحصل الْحسن فِي الْمَذْكُورَات، إِلَّا بِأُمُور خلقهَا الله تَعَالَى من غير اخْتِيَار للْعَبد فِيهَا وَإِنَّمَا ألحق هَذَا الْقسم بالْحسنِ لذاته لكَون الوسائط فِيهِ مُضَافَة إِلَى الله تَعَالَى سَاقِطَة الِاعْتِبَار بِالنِّسْبَةِ إِلَى العَبْد فِي منشأ حسنه، بِخِلَاف الْقسم الرَّابِع فَإِن الوسائط فه لَيست كَذَلِك، بل بِاخْتِيَار العَبْد كَمَا سَيَجِيءُ (وَمَا) حسن (لغيره) أَي لغير ذَات الْفِعْل حَال كَونه (غير مُلْحق) بِمَا حسن لذاته (كالجهاد، وَالْحَد، وَصَلَاة الْجِنَازَة) فَإِن حسن الْجِهَاد (بِوَاسِطَة الْكفْر) وإعلاء كلمة الله، فلولا كفر الْكَافِر وَمَا يتبعهُ من الإعلاء مَا حسن الْقِتَال (و) حسن الْحَد بِوَاسِطَة (الزّجر) للجاني عَن الْمعاصِي (و) حسن صَلَاة الْجِنَازَة بِوَاسِطَة (الْمَيِّت الْمُسلم غير الْبَاغِي) ويندرج فِيهِ قَاطع الطَّرِيق، وَلَو لم يكن الْمَيِّت مُسلما غير بَاغ مَا حسن الصَّلَاة عَلَيْهِ، وَهُوَ بَين يَدَيْهِ وَإِنَّمَا (اعْتبرت الوسائط) فِي هَذَا الْقسم مُضَافَة إِلَى العَبْد غير مُضَافَة إِلَى الله تَعَالَى ليلحق بالْحسنِ لذاته (لِأَنَّهَا) أَي الوسائط (بِاخْتِيَارِهِ) أَي العَبْد المتصف بهَا، وَفِيه إِشَارَة إِلَى أَن الوسائط لم تعْتَبر فِي الْقسم الثَّالِث، وَجعل حسنها كَأَنَّهُ ذاتي كَمَا يدل عَلَيْهِ الْإِلْحَاق بالْحسنِ لذاته، وَإِنَّمَا اخْتَار الْوَجْه الْمَذْكُور فِي التَّقْسِيم على الأول لكَونه موهما لكَون الْحسن لذاته قَابلا لسُقُوط حسنه وتخلفه عَنهُ وَإِن حسن الصَّلَاة يفارقها فِي الْأَوْقَات الْمَكْرُوهَة، وَلَيْسَ كَذَلِك ولكونه قاصرا على التَّفْصِيل الْمَذْكُور فِي هَذَا الْوَجْه (وَتَقَدَّمت أَقسَام) الْأَفْعَال الَّتِي هِيَ (متعلقات النَّهْي) عَنهُ مَا بَين حسي وشرعي وَبَيَان المتصف مِنْهَا بالقبح لذاته أَو لغيره (وَكلهَا) أَي متعلقات أوَامِر الشَّرْع ونواهيه (يلْزمه حسن اشْتِرَاط الْقُدْرَة) لِأَن تَكْلِيف الْعَاجِز قَبِيح وَتقدم أَقسَام الْقُدْرَة إِلَى مُمكنَة وميسره عِنْد مَشَايِخنَا (وقسموا) أَي الْحَنَفِيَّة (متعلقات الْأَحْكَام) الشَّرْعِيَّة (مُطلقًا) أَي سَوَاء كَانَت عبادات أَو عقوبات أَو غَيرهمَا (إِلَى حَقه تَعَالَى على الخلوص) قَالُوا وَهُوَ مَا يتَعَلَّق بِهِ النَّفْع الْعَام من غير اخْتِصَاص بِأحد، نسب إِلَى الله تَعَالَى لعظم خطره وشمول نَفعه كَحُرْمَةِ الْبَيْت، وَحُرْمَة الزِّنَا (و) إِلَى حق (العَبْد كَذَلِك) أَي على الخلوص، وَهُوَ مَا يتَعَلَّق بِهِ مصلحَة خَاصَّة كَحُرْمَةِ مَال الْغَيْر، وَلذَا يُبَاح إِبَاحَة مَالِكه، وَلَا يُبَاح الزِّنَا بِإِبَاحَة الْمَرْأَة وَلَا بِإِبَاحَة أَهلهَا قيل وَيرد عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالْحج، وَالْحق أَن يُقَال يَعْنِي بِحَق الله مَا يكون الْمُسْتَحق هُوَ الله، وبحق العَبْد مَا يكون الْمُسْتَحق هُوَ العَبْد، وَيرد حُرْمَة مَال الْغَيْر مِمَّا يتَعَلَّق بِهِ النَّفْع الْعَام، وَهُوَ صِيَانة أَمْوَال النَّاس، وَأجِيب بِأَنَّهَا لم تشرع لصيانة أَمْوَال النَّاس أجمع (وَمَا اجْتمعَا) أَي الحقان فِيهِ (وَحقه) تَعَالَى (غَالب وَقَلبه) أَي وَمَا اجْتمعَا فِيهِ وَحقّ العَبْد غَالب
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute