فَيثبت فِيمَا اتفقَا عَلَيْهِ وَيبقى على أصل الْفطْرَة فِيمَا اخْتلفَا فِيهِ، وَأما فِيمَا بَين مُسلم عَارض إِسْلَامه وذمية، وَبَين مسلمة عَارض إسلامهما وذميّ فَظَاهر كَلَامهم أَنه الحَدِيث الْمَذْكُور لِأَنَّهُ يُفِيد ثُبُوت الْأَوْصَاف الثَّلَاثَة للْوَلَد إِذا كَانَ أَبَوَاهُ على ذَلِك الْوَصْف، فَإِذا زَالَ الْوَصْف عَن أَحدهمَا انْتَفَت الْعلَّة، فينتفى الْمَعْلُول، فيترجح الْوَصْف المفطور عَلَيْهِ، وَهُوَ الْإِسْلَام، لَكِن يرد عَلَيْهِ أَن يُقَال: فليزم بِعَين هَذَا صيرورة الصَّغِير مُسلما بِمَوْت أَحدهمَا كَمَا هُوَ قَول الإِمَام أَحْمد، وَهُوَ خلاف مَا عَلَيْهِ بَاقِي الْأَئِمَّة. وَهَذِه الْجُمْلَة ذكرهَا الشَّارِح فِي تفاصيل أخر، و (هَذَا) كُله (إِذا لم يكن) الصَّغِير (عَاقِلا وَإِلَّا) أَي وَإِن كَانَ عَاقِلا (استقلّ بِإِسْلَامِهِ) فَإِن أسلم صَحَّ وَحِينَئِذٍ (فَلَا يرتدّ بردة من أسلم مِنْهُمَا) أَي أَبَوَيْهِ (على مَا سَيعْلَمُ) فِي فصل الْأَهْلِيَّة، لَكِن ذكر فَخر الْإِسْلَام فِي شرح الْجَامِع الصَّغِير وَيَسْتَوِي فِيمَا قُلْنَا أَن يعقل وَأَن لَا يعقل، وَذكر قَاضِي خَان فِي شَرحه عَلَيْهِ لَو أسلم أحد أَبَوَيْهِ يَجْعَل مُسلما تبعا سَوَاء كَانَ الصَّغِير عَاقِلا أَو لم يكن، لِأَن الْوَلَد يتبع خير الْأَبَوَيْنِ دينا (وَمِنْه) قَالَ الشَّارِح: أَي من الْخلف عَن الأَصْل (والصعيد) وَلَا يخفى أَنه حِينَئِذٍ لَا وَجه لذكر الْوَاو: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون الْمَعْنى وَمِنْه قَوْلهم والصعيد الخ على الْمُسَامحَة، وَقد يُقَال أَن قَوْله مِنْهُ مُتَعَلق بقوله سَيعْلَمُ، وَالضَّمِير للموصول والجارّ وَالْمَجْرُور فِي موقع الْفَاعِل فَإِنَّهُ (خلف عَن المَاء، فَيثبت بِهِ) أَي بالصعيد (مَا ثَبت بِهِ) أَي بِالْمَاءِ من الطَّهَارَة الْحكمِيَّة إِلَى وجود الناقض على مَا هُوَ مُقْتَضى الخلفية، فالأصالة والخلفية بَين الآلتين، فَيجوز إِمَامَة الْمُتَيَمم لوُجُود شَرط الصَّلَاة، وَهِي الطَّهَارَة فِي حق كلّ مِنْهُمَا، فَيجوز بِنَاء أَحدهمَا على الآخر كالغاسل على الماسح مَعَ أَن الْخُف بدل من الرجل فِي قبُول الْحَدث وَرَفعه، وَهَذَا قَول أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف (ولمحمد) وَزفر أَيْضا أَن الْأَصَالَة والخلفية (بَين الْفِعْلَيْنِ) أَي التَّيَمُّم وَالْوُضُوء أَو الْغسْل (فَلَا يلْزم ذَلِك) أَي أَن يثبت بالصعيد مَا يثبت بِالْمَاءِ، إِذْ الْمَفْرُوض أَن الْخَلِيفَة لَيست بَينهمَا (وَلَا يُصَلِّي الْمُتَوَضِّئ خلف الْمُتَيَمم لِأَنَّهُ تَعَالَى أَمر) الْمُحدث (بِالْفِعْلِ) أَي الْوَصْف، فَقَالَ إِذا قُمْتُم إِلَى الصَّلَاة (فَاغْسِلُوا) الْآيَة، وَإِن كُنْتُم جنبا فاطهروا (ثمَّ نقل) الْأَمر عَن الْوضُوء (إِلَى الْفِعْل) الآخر. وَهُوَ التَّيَمُّم عِنْد عدم الْقُدْرَة على المَاء، فَقَالَ - {وَإِن كُنْتُم مرضى} - إِلَى قَوْله - {فَلم تَجدوا مَاء فَتَيَمَّمُوا صَعِيدا طيبا} - الْآيَة، وَإِذا لم يكن الصَّعِيد خلفا للْمَاء لم يثبت بِهِ طَهَارَة مُطلقَة كَمَا يثبت بِالْمَاءِ ليعتبر ذَلِك فِي حقّ المقتدى الْمُتَوَضِّئ (وَلَهُمَا) أَي أبي حنيفَة وَأبي يُوسُف (أَنه) تَعَالَى (نقل) الطّلب عَن المَاء إِلَى الصَّعِيد (عِنْد عدم المَاء) حَيْثُ قَالَ (فَلم تَجدوا مَاء فَكَانَ) المَاء هُوَ (الأَصْل) وَيُؤَيِّدهُ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم الصَّعِيد الطّيب وضوء الْمُؤمن وَلَو إِلَى عشر سِنِين. وَقد يُقَال كَمَا أَن الخلفية إِذا اعْتبرت بَين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute