يَقِينا، لأَنا نقُول: لَا عِبْرَة بِالشُّبْهَةِ مَا لم تكن ناشئة عَن دَلِيل مثل الْإِكْرَاه (وَدفن) من أكره على الْإِسْلَام حَتَّى أقرّبه، ثمَّ لم يظْهر مِنْهُ خِلَافه إِلَى أَن مَاتَ (فِي مَقَابِر الْمُسلمين بِهِ) أَي بِإِقْرَارِهِ بِالْإِسْلَامِ مكْرها (و) يثبت أَيْضا (بَاقِي أَحْكَام الخلفية فِي الدُّنْيَا) من إِسْقَاط الْجِزْيَة عَنهُ وَجَوَاز الصَّلَاة خَلفه وَعَلِيهِ إِلَى غير ذَلِك (فَأَما الْآخِرَة فَالْمَذْهَب للحنفية) وَهُوَ نصّ أبي حنيفَة (أَنه) أَي الْإِقْرَار (أصل) فِي أَحْكَامهَا أَيْضا (فَلَو صدّق) بِقَلْبِه (وَلم يقرّ) بِلِسَانِهِ (بِلَا مَانع) لَهُ من الْإِقْرَار واستمرّ (حَتَّى مَاتَ كَانَ فِي النَّار، وَكثير من الْمُتَكَلِّمين) وَرِوَايَة عَن أبي حنيفَة، وَأَصَح الرِّوَايَتَيْنِ عَن الْأَشْعَرِيّ الأَصْل فِي أَحْكَام الْآخِرَة (التَّصْدِيق وَحده وَالْإِقْرَار) شَرط (ل) إِجْرَاء (أَحْكَام الدُّنْيَا) عَلَيْهِ (كَقَوْل بَعضهم) أَي الْحَنَفِيَّة: مِنْهُم أَبُو مَنْصُور الماتريدي وَفِي شرح الْمَقَاصِد الْإِقْرَار لهَذَا الْغَرَض لَا بدّ أَن يكون على وَجه الإعلان على الإِمَام وَغَيره من أهل الْإِسْلَام، بِخِلَاف مَا إِذا كَانَ لإتمام الْإِيمَان فَإِنَّهُ يَكْفِي فِيهِ مجرّد التَّكَلُّم وَإِن لم يظْهر على غَيره، ثمَّ الْخلاف فِيمَا إِذا كَانَ قَادِرًا وَترك التَّكَلُّم بِهِ لَا على وَجه الإباء، إِذْ الْعَاجِز كالأخرس مُؤمن اتِّفَاقًا، والمصرّ على عدم الْإِقْرَار مَعَ الْمُطَالبَة بِهِ كَافِر اتِّفَاقًا لكَون ذَلِك من أَمَارَات عدم التَّصْدِيق (ثمَّ صَار أَدَاء الْأَبَوَيْنِ فِي الصَّغِير وَالْمَجْنُون خلفا عَن أدائهما) أَي الصَّغِير وَالْمَجْنُون لعجزهما عَن ذَلِك (فَحكم بإسلامهما تبعا لأَحَدهمَا) أَي الْأَبَوَيْنِ إِذا كَانَ الْمَتْبُوع وَالتَّابِع حِين الْإِسْلَام فِي دَار وَاحِدَة، أَو الْمَتْبُوع فِي دَار الْحَرْب، وَالتَّابِع فِي دَار الْإِسْلَام، لَا بِالْعَكْسِ كَمَا نبه عَلَيْهِ فِي الْيَنَابِيع وَغَيره (ثمَّ تَبَعِيَّة الدَّار) صَارَت خلفا عَن أَدَاء الصَّغِير بِنَفسِهِ فِي إِثْبَات الْإِسْلَام لَهُ عِنْد عدم إِسْلَام أحد الْأَبَوَيْنِ على الْوَجْه الْمَذْكُور (فَلَو سبى فَأخْرج إِلَى دَار الْإِسْلَام وَحده حكم بِإِسْلَامِهِ، وَكَذَا تَبَعِيَّة الْغَانِمين) أَي تبعيته للْمُسلمين الْغَانِمين إِذا لم يكن مَعَه أَبَوَاهُ وَلَا أَحدهمَا، واختص بِهِ أحدهم فِي دَار الْحَرْب بِشِرَائِهِ من الإِمَام، أَو قسْمَة الإِمَام الْغَنِيمَة ثمَّة صَارَت خلفا عَن أَدَاء الصَّغِير كَمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (فَلَو قسم فِي دَار الْحَرْب فَوَقع فِي سهم أحدهم) أَي الْمُسلمين (حكم بِإِسْلَامِهِ، وَالْمرَاد أَن كلا من هَذِه خلف عَن أَدَاء الصَّغِير) بِنَفسِهِ على التَّرْتِيب الْمَذْكُور (لَا أَنه يخلف بَعْضهَا بَعْضًا) لِأَن الْخلف لَا خلف لَهُ كَذَا قَالُوا، ثمَّ كَون هَذِه التبعيات مرتبَة هَكَذَا: هُوَ الْمَذْكُور فِي أصُول فَخر الْإِسْلَام وموافقيه. وَفِي الْمُحِيط أَن تَبَعِيَّة صَاحب الْيَد مقدّمة على تَبَعِيَّة الدَّار، فَقيل يحْتَمل أَن يكون فِي المسئلة رِوَايَتَانِ بَقِي أَن الخلفية لَا تتثبت إِلَّا بِالسَّمْعِ، وَالظَّاهِر إِنَّه فِيمَا كَانَ بَين مُسلم أُصَلِّي وذمية الْإِجْمَاع، وَقد يُقَال مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَا من مَوْلُود إِلَّا يُولد على الْفطْرَة، فَأَبَوَاهُ يهوّدانه، أَو ينصرَانِهِ، أَو يُمَجِّسَانِهِ يصلح سندا للْإِجْمَاع فَجعل اتِّفَاقهمَا عِلّة ناقلة للْوَلَد عَن أصل الْفطْرَة،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute