ينْتَفع بِهِ على الْخُصُوص، ثمَّ فِي هَذَا حق الله تَعَالَى أَيْضا لما فِيهِ من حق الاستعباد فَكَانَ الْغَالِب حق الله (فَلَيْسَ للمقذوف إِسْقَاطه) أَي الحدّ: لِأَن حق الله لَا يسْقط بِإِسْقَاط العَبْد وَإِن كَانَ غير متمحض لَهُ كَمَا يشْهد بِهِ دلَالَة الْإِجْمَاع على عدم سُقُوط العدّة بِإِسْقَاط الزَّوْج إِيَّاهَا، وَإِن كَانَ الْمَقْصد مِنْهَا الِاحْتِرَاز عَن اخْتِلَاط مَاء الْغَيْر بمائه الْمُوجب الِاشْتِبَاه فِي نسب وَلَده، وَذَلِكَ لما فِيهَا من حق الله عزّ وجلّ (وَلذَا) أَي وَلكَون الْغَالِب فِي هَذَا الحدّ حق الله تَعَالَى (وَلم يفوّض إِلَيْهِ) أَي الْمَقْذُوف ليقيمه على قَاذفه (لِأَن حُقُوقه تَعَالَى لَا يستوفيها إِلَّا الإِمَام) لاستنابة الله إِيَّاه فِي استيفائها (وَلِأَنَّهُ) أَي حدّ الْقَذْف (لتهمته) أَي الْقَاذِف الْمَقْذُوف (بِالزِّنَا وَأثر الشَّيْء من بَابه) أَي بَاب ذَلِك الشَّيْء واتباعه، وحدّ الزِّنَا حق الله اتِّفَاقًا (فدار) حدّ الْقَذْف (بَين كَونه لله تَعَالَى خَالِصا) كحدّ الزِّنَا (أَو) كَونه (لَهُ) أَي لله تَعَالَى (وَلِلْعَبْدِ) فَلَا أقلّ من أَن يُقَال (فتغلب) حق الله (بِهِ). قَالَ الشَّارِح: أَي بحدّ الْقَذْف انْتهى، وَلَا وَجه لَهُ إِلَّا أَن تكون الْبَاء بِمَعْنى فِي، وَالْأَوْجه إرجاع الضَّمِير إِلَى مَا ذكر مِمَّا يدلّ على كَون حَقه تَعَالَى غَالِبا، وَذهب صدر الْإِسْلَام إِلَى أَن الْغَالِب فِيهِ حق العَبْد، وَبِه قَالَ الْأَئِمَّة الثَّلَاثَة (و) الرَّابِع (مَا اجْتمعَا) أَي حق الله وَحقّ العَبْد فِيهِ (وَالْغَالِب حق العَبْد) وَهُوَ (الْقصاص بالِاتِّفَاقِ) فَإِن لله تَعَالَى فِي نفس العَبْد حق الاستعباد، وَلِلْعَبْدِ حق الِاسْتِمْتَاع، ثمَّ إِن الْقصاص من حَيْثُ أَنه يُنبئ عَن الْمُمَاثلَة يدلّ على أَن رِعَايَة جَانب العَبْد أَكثر والأفرعاية إخلاء الْعَالم عَن الْفساد الَّذِي هُوَ النَّفْع الْعَام الرَّاجِع إِلَى حق الله تَعَالَى كَانَ يَقْتَضِي زِيَادَة الزّجر بِضَم أَخذ المَال وَنَحْوه مَعَه، (وينقسم) مُتَعَلق الحكم الشَّرْعِيّ مُطلقًا (أَيْضا بِاعْتِبَار آخر أصل وَخلف) أَي يَنْقَسِم إِلَى أصل وَخلف: فَعلم أَن الِاعْتِبَار الآخر الْأَصَالَة والخلفية (لَا يثبت) كَونه خلفا (إِلَّا بِالسَّمْعِ) نصا أَو دلَالَة أَو إِشَارَة أَو اقْتِضَاء (صَرِيحًا أَو غَيره) أى غير صَرِيح (فَالْأَصْل كالتصديق فِي الْإِيمَان) فَإِنَّهُ أصل مُحكم لَا يحْتَمل السُّقُوط بِعُذْر مَا، وَلَا يبْقى مَعَ التبديل بِحَال (وَالْخلف عَنهُ) أَي عَن التَّصْدِيق (الْإِقْرَار) بِاللِّسَانِ لِأَنَّهُ معبر عَمَّا فِي الْقلب (إِذْ لم يعلم الأَصْل يَقِينا) لِأَنَّهُ غيب لَا يطلع عَلَيْهِ إِلَّا الله تَعَالَى تَعْلِيل لاعْتِبَار الْخلف: أَي لَا بدّ مِنْهُ، إِذْ لَا يُمكن إدارة الْأَحْكَام على حَقِيقَته لعدم الْعلم بهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أدير) الحكم (عَلَيْهِ) أَي على الْخلف (فَلَو أكره) الْكَافِر على الْإِسْلَام (فأقرّ بِهِ حكم بِإِسْلَامِهِ) لوُجُوده ظَاهرا، وَإِن لم يُوجد الأَصْل فِي نفس الْأَمر (فرجوعه) عَن الْإِسْلَام إِلَى الْكفْر بِحَسب اللِّسَان (ردّة لَكِن لَا توجب الْقَتْل) لِأَن الْإِكْرَاه شُبْهَة لإسقاطه (بل) توجب (الْحَبْس وَالضَّرْب حَتَّى يعود) إِلَى الْإِسْلَام لَا يُقَال ينيغى أَن لَا يقبل بِدُونِ الْإِكْرَاه أَيْضا لوُجُود الشُّبْهَة بِاعْتِبَار عدم الْعلم بِحَقِيقَة الْأَيْمَان
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute