غالبة لامتنع وُجُوبهَا بِسَبَب الْعذر: لِأَن الْمَعْذُور لَا يسْتَحق الْعقُوبَة، وَكَذَا لَو كَانَت مُسَاوِيَة لِأَن جِهَة الْعِبَادَة إِن لم تمنع الْوُجُوب على هَؤُلَاءِ المعذورين فجهة الْعقُوبَة تَمنعهُ، وَالْأَصْل عَدمه، فَلَا يثبت إِلَّا بِالشَّكِّ (إِلَّا الْفطر) أَلا كَفَّارَته فَإِن جِهَة الْعقُوبَة فِيهَا غالبة (وألحقها) أَي كَفَّارَة الْفطر (الشَّافِعِي بهَا) أَي بِسَائِر الْكَفَّارَات فِي تَغْلِيب معنى الْعِبَادَة فِيهَا على الْعقُوبَة حَيْثُ لم يُسْقِطهَا بِالشُّبْهَةِ كَمَا سَيَأْتِي (وَالْحَنَفِيَّة) إِنَّمَا قَالُوا بتغليب معنى الْعقُوبَة فِيهَا على الْعِبَادَة (لتقيدها) أَي وجوب كَفَّارَة الْفطر (بالعمد) أَي بِالْفطرِ الْعمد (ليصير) الْفطر الْعمد (حَرَامًا وَهُوَ) أَي كَونه حَرَامًا (المثير للعقوبة والتصور) أَي ولقصور الْعقُوبَة فِيهَا حَيْثُ لم تكن كَامِلَة (لكَون الصَّوْم) الَّذِي تعمد الْفطر فِي أَثْنَائِهِ (لم يصر حَقًا تَاما مُسلما لصَاحب الْحق) وَهُوَ الله عزّ وجلّ لَكِن (وَقعت الْجِنَايَة عَلَيْهِ) أَي على الصَّوْم (فَلِذَا) أَي فلأجل أَن الْجِنَايَة وَقعت عَلَيْهِ (تأدّى) هَذَا الْحق الْوَاجِب الَّذِي هُوَ الْكَفَّارَة (بِالصَّوْمِ وَالصَّدَََقَة) الَّتِي هِيَ الْإِطْعَام، فلولا أَن فِي هَذِه الْكَفَّارَة معنى الْعِبَادَة، وَإِن كَانَ مَغْلُوبًا مَا تأدّت بِمَا هُوَ من جنس الْعِبَادَة (وشرطت النِّيَّة) فِيهَا إِذْ الْعِبَادَة لَا تصح إِلَّا بِالنِّيَّةِ مَعْطُوف على تأدّى (فتفرع) على غَلَبَة معنى الْعقُوبَة (درؤها) أَي سُقُوط وجوب الْكَفَّارَة (بِالشُّبْهَةِ) أَي شُبْهَة الْإِبَاحَة كَمَا يدْرَأ الحدّ، وَمن ثمَّة لم يجب إِجْمَاعًا على من جَامع ظَانّا أَن الْفجْر لم يطلع، أَو أَن الشَّمْس غَابَتْ ثمَّ تبين خِلَافه (فَوَجَبَ) الْحق الْمَذْكُور (مرّة بمرار) أَي بفطر متعدّد فِي أَيَّام (قبل التَّكْفِير من رَمَضَان) وَاحِد عندنَا كَمَا يحدّ مرّة بزناة مرّة بعد أُخْرَى إِذا لم يحد بِكُل مرّة. وَقَالَ الشَّافِعِي: يجب بِكُل فطر يَوْم كَفَّارَة (وَمن اثْنَيْنِ) أَي وَيجب كَفَّارَة وَاحِدَة بفطر متعدّد قبل التَّكْفِير من رمضانين (عِنْد الْأَكْثَر) أَي أَكثر الْمَشَايِخ. وَفِي الْكَافِي فِي الصَّحِيح (خلافًا لما يرْوى عَنهُ) أَي عَن أبي حنيفَة من أَنه يجب التعدّد فِي الْكَفَّارَة بتعدّد فطر الْأَيَّام، وَإِنَّمَا قُلْنَا بالتداخل حَيْثُ قُلْنَا بِهِ (لِأَن التَّدَاخُل دَرْء) يَعْنِي أَنه لما كَانَ عَلَيْهِ الْعقُوبَة فِي الْكَفَّارَات ألحقها بالحدود الَّتِي تندرئ بِالشُّبُهَاتِ حصل عِنْد تكرّر مُوجبهَا قبل التَّكْفِير شُبْهَة الِاكْتِفَاء بكفارة وَاحِدَة عَن الْجِنَايَات المتعدّدة نظرا إِلَى حُصُول الْمَقْصد، وَهُوَ الانزجار بِوَاحِدَة، فاندرأ تعدّد الْوُجُوب بِهَذِهِ الشُّبْهَة (وَلَو كفر) عَن فطر يَوْم (ثمَّ أفطر) فِي آخر (فأخرى) أَي فَيجب كَفَّارَة أُخْرَى (لتبين عدم انزجاره بِالْأولَى) أَي الْكَفَّارَة الأولى (فتفيد الثَّانِيَة) الانزجار (وَالثَّانِي حُقُوق الْعباد كضمان الْمُتْلفَات وَملك الْمَبِيع وَالزَّوْجَة وَكثير) (و) الثَّالِث (مَا اجْتمعَا) أَي حق الله وَحقّ العَبْد فِيهِ (وَحقه تَعَالَى غَالب) وَهُوَ (حدّ الْقَذْف) لِأَنَّهُ من حَيْثُ أَنه يَقع نَفعه عَاما بإخلاء الْعَالم عَن الْفساد حق الله، وَمن حَيْثُ أَنه صِيَانة الْعرض وَدفع الْعَار عَن الْمَقْذُوف حق العَبْد: إِذْ هُوَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute