عَلَيْهَا لفظ أَمر حَقِيقَة بِنَاء على عرف النُّحَاة فِي أَن الْأَمر) يَعْنِي أَمر اسْم (للصيغة الْمُقَابلَة لصيغة الْمَاضِي وأخيه) أَي وَصِيغَة الْمُضَارع حَال كَون الصِّيغَة الْمَذْكُورَة صفة لمتعلقه (مستعملة فِي الْإِيجَاب أَو غَيره) كالندب وَالْإِبَاحَة (فتعلقه) أَي مُتَعَلق الْأَمر الَّذِي هُوَ إِبَاحَة عَن الصِّيغَة الْمَذْكُورَة (الْمَنْدُوب) صفة لمتعلقه وَخَبره (مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة) إِذْ قد عرفت أَن مبدأ الِاشْتِقَاق وَهُوَ الْأَمر حَقِيقَة فِي الصِّيغَة المستعملة فِي النّدب، فالندب أَمر وَمن ضَرُورَته كَون الْفِعْل الْمَنْدُوب مَأْمُورا بِهِ حَقِيقَة فَإِن قلت لَا نسلم أَنه يلْزم من كَون صِيغَة النّدب مُسَمّى بِلَفْظ أَمر كَون مُتَعَلق مَدْلُول الصِّيغَة مَأْمُورا بِهِ فَالْجَوَاب أَن المُرَاد بالمأمور بِهِ مَا تعلق بِهِ مَدْلُول الْأَمر بِهِ بِحَسب الِاصْطِلَاح (والنافي) للحنفية بنى نَفْيه (على مَا ثَبت) من (أَن الْأَمر خَاص فِي الْوُجُوب وَالْمرَاد بِهِ) أَي بِالْأَمر الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خَاص (فِي الصِّيغَة) كافعل ونظائره فَإِن قلت إِذا لَا خلاف إِذا مُرَاد الْمُثبت أَن لفظ الْأَمر حَقِيقَة فِي النّدب وَغَيره على عرف النُّحَاة، وَمُرَاد النَّافِي أَن صِيغَة افْعَل كصم وصل حَقِيقَة فِي الْوُجُوب مجَاز فِي النّدب لَا أَن لفظ الْأَمر مجَاز فِي صِيغَة النّدب، وَقَوله (وَهُوَ) أَي نفي الْحَنَفِيَّة (أوجه) يدل على الْخلاف كَمَا أَن قَوْله اخْتلف الخ صَرِيح فِيهِ قلت الَّذِي يَقُول أَن صِيغَة افْعَل خَاص فِي الْوُجُوب يَقُول أَن لفظ أَمر أَيْضا مَخْصُوص بالصيغة الْمَخْصُوصَة بِالْوُجُوب وَلَا يُطلق عِنْده لفظ الْأَمر على الصِّيغَة المستعملة فِي النّدب حَقِيقَة فَلَيْسَ الْمَنْدُوب عِنْده مَأْمُورا بِهِ ثمَّ بَين كَونه أوجبه بقوله (لابتنائه) أَي النَّفْي على الأَصْل (الثَّابِت لُغَة) وَهُوَ أَن لفظ الْأَمر خَاص بالصيغة المستعملة فِي الْوُجُوب، ومدار الْأَحْكَام المستنبطة من الْكتاب وَالسّنة على اللُّغَة (وابتناء الأول) وَهُوَ أَن الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة (على الِاصْطِلَاح) للنحاة وَهُوَ أَن الصِّيغَة لما هُوَ أَعم من الْوُجُوب (واستدلال الْمُثبت بِإِجْمَاع أهل اللُّغَة على انقسام الْأَمر إِلَى أَمر إِيجَاب وَأمر ندب) لَا يَصح على إِرَادَة ظَاهره (إِنَّمَا يَصح على إِرَادَة أهل الِاصْطِلَاح من النُّحَاة) لأهل اللُّغَة لما بَينهمَا من الْمُنَاسبَة (لِأَن مَا ثَبت من أَن الْأَمر خَاص فِي الْوُجُوب) على مَا مر من قبل النَّافِي (حكم اللُّغَة) فَكيف يتَصَوَّر إِجْمَاع أَهلهَا على خِلَافه، ثمَّ استدلالهم الْمَذْكُور بِاعْتِبَار ابتنائه على الِاصْطِلَاح (كاستدلالهم بِأَن فعله) أَي الْمَنْدُوب (طَاعَة وَهِي) أَي الطَّاعَة (فعل الْمَأْمُور بِهِ) وَفسّر الطَّاعَة فِي الْمَأْمُور بِهِ بقوله (أَي) فعل (مَا يُطلق عَلَيْهِ الْمَأْمُور) بِهِ (فِي الِاصْطِلَاح) النَّحْوِيّ فَقَوله فعل مصدر مَبْنِيّ للْفَاعِل وَمَا يُطلق عَلَيْهِ عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ كَسَائِر أَفعَال الْمُكَلّفين مِمَّا يَفْعَلُونَهُ لقصد الْقرْبَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن مُرَادهم ذَلِك بل مَا يُطلق عَلَيْهِ فِي للغة (فعين النزاع) أى فَالْمُرَاد حِينَئِذٍ عين المنازع، إِذْ الْخصم لَا يسْتَلْزم أَن كل طَاعَة يُطلق عَلَيْهَا لفظ الْمَأْمُور بِهِ حَقِيقَة بل يُطلق على الْوَاجِبَة فَقَط (مَعَ أَنه) أَي هَذَا الِاسْتِدْلَال إِنَّمَا يتمشى (على تَقْدِير
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute