للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اصْطِلَاح فِي الطَّاعَة) وَهُوَ أَن الطَّاعَة فعل الْمَأْمُور بِهِ مُطلقًا (وَهُوَ) أَي هَذَا الِاصْطِلَاح فِيهَا (مُنْتَفٍ للْقطع بِعَدَمِ تَسْمِيَة فعل المهدد عَلَيْهِ طَاعَة لأحد) أَي لَا يُقَال للْفِعْل الَّذِي تعلق بِهِ افْعَل على سَبِيل التهديد أَنه طَاعَة إِذا فعله المهدد عَلَيْهِ بل وَلَا يُقَال أَنه مَأْمُور بِهِ وَلَا أَنه أَمر بذلك الْفِعْل مَعَ صدق الْأَمر اصْطِلَاحا نحويا على صيغته وَاللَّازِم بَاطِل، وَقَوله لأحد إِمَّا صلَة طَاعَة وَإِمَّا مُتَعَلق بِتَسْمِيَة (وَإِلَّا) رُجُوع إِلَى أول الْبَحْث، وَالْمعْنَى وَإِن لم يكن مُرَاد الْمُثبت أَن الصِّيغَة فِي النّدب يُطلق عَلَيْهَا لفظ أَمر حَقِيقَة بِنَاء على عرف النُّحَاة بل على اللُّغَة (فَإِنَّمَا يَصح) كَونه مَأْمُورا بِهِ حَقِيقَة بِحَسب اللُّغَة بِنَاء (على أَن الصِّيغَة) الَّتِي هِيَ مُسَمّى لفظ أَمر (حَقِيقَة فِي النّدب مُشْتَركا) بَينه وَبَين الْإِيجَاب (أَو خَاصّا) للنَّدْب كَمَا هُوَ قَول الْبَعْض (وهم) أَي المثبتون (ينفونه) أَي كَونهَا مُشْتَركَة أَو خَاصَّة فِيهِ ويجعلونها حَقِيقَة فِي الْوُجُوب خَاصَّة فَلَا يكون الْمَنْدُوب مَأْمُورا بِهِ حَقِيقَة، وَحِينَئِذٍ (فاستدلال النَّافِي بِأَنَّهُ) أَي الْمَنْدُوب (لَو كَانَ مَأْمُورا) بِهِ (أَي حَقِيقَة لَكَانَ تَركه مَعْصِيّة) لما ثَبت أَن تَارِك الْمَأْمُور بِهِ عَاص (وَلما صَحَّ) قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " (لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ) عِنْد كل وضوء " كَمَا فِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة أَو عِنْد كل صَلَاة كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لِأَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ندبهم إِلَى السِّوَاك، ثمَّ قَوْله اسْتِدْلَال النَّافِي مُبْتَدأ خبر (زِيَادَة) مِنْهُ غَيره مُحْتَاج إِلَيْهَا لتَمام الْمَطْلُوب بِمَا تقدم (وتأويله) لفظ الْأَمر فِي الحَدِيث وَمَا قبله (بِحمْلِهِ) أَي الْأَمر (على قسم خَاص هُوَ أَمر الْإِيجَاب) كَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب وَغَيره مُخَالفَة للظَّاهِر (بِلَا دَلِيل، وَقَوْلهمْ) أَي المثبتين أَنه يُصَار إِلَى التَّأْوِيل الْمَذْكُور (لدليلنا) مَدْفُوع لِأَنَّهُ (ظهر أَنه) أَي دليلهم (لم يتم) حِينَئِذٍ فأخف الْأَمريْنِ على المثلين جعل الْخلاف لفظيا فالمثبت: يَعْنِي الِاصْطِلَاح النَّحْوِيّ وَلَا يُنكره النَّافِي، والنافي: يَعْنِي اللُّغَة وَلَا يَنْفِيه الْمُثبت، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَمثل هَذِه) الخلافية (فِي اللفظية) أَي فِي كَونهَا لفظية (الْخلاف فِي أَن الْمَنْدُوب مُكَلّف بِهِ، وَالصَّحِيح) الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور (عَدمه) أَي عدم كَونه مُكَلّفا بِهِ (خلافًا للأستاذ) أبي إِسْحَاق الاسفرايني وَالْقَاضِي، وَإِنَّمَا جعلنَا الْخلاف لفظيا (لدفع بعده) أَي بعد جعله معنويا: إِذْ يبعد من الْأُسْتَاذ وَغَيره اعْتِبَار التَّكْلِيف فِيهِ: إِذْ التَّكْلِيف إِلْزَام مَا فِيهِ مشقة وكلفة فيؤول كَلَامه (بِأَن المُرَاد) بقوله النّدب تَكْلِيف (إِيجَاب اعْتِقَاده) أَي اعْتِقَاد كَونه مَنْدُوبًا، وَإِن كَانَ التَّأْوِيل أَيْضا بَعيدا، لِأَن النّدب حكم وَوُجُوب الِاعْتِقَاد حكم آخر لكنه أخف من الأول، وَقيل كَون الْخلاف لفظيا بِاعْتِبَار تَفْسِير التَّكْلِيف، فَمن فسره بالإلزام الْمَذْكُور نَفَاهُ عَن الْمَنْدُوب، وَمن فسره بِطَلَب مَا فِيهِ كلفه أثْبته لَهُ وَالْمُصَنّف ذهب إِلَى الأول فَلَزِمَهُ كَون الْمُبَاح أَيْضا مُكَلّفا بِهِ من حَيْثُ الِاعْتِقَاد، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِلَّا أَن الْمُبَاح حِينَئِذٍ) أَي حِين يُرَاد بِكَوْنِهِ تكليفا إِيجَاب اعْتِقَاد ندبيته (تَكْلِيف) أَيْضا

<<  <  ج: ص:  >  >>