لوُجُوب اعْتِقَاد إِبَاحَته (وَبِه) أَي بِكَوْن الْإِبَاحَة تكليفا (قَالَ) الْأُسْتَاذ (أَيْضا) وَمن سواهُ على أَنه لَيْسَ بتكليف (وَمثلهمَا) أَي الْمَنْدُوب والمباح من حَيْثُ الْخلاف فِي تعلق الْأَمر حَقِيقَة أَو مجَازًا وَفِي التَّكْلِيف، وَفِي كَون الْخلاف لفظيا (الْمَكْرُوه) فَهُوَ (مَنْهِيّ) عَنهُ (أَي اصْطِلَاحا) نحويا (وَحَقِيقَة مجَازًا لُغَة) لِأَن النَّهْي فِي الِاصْطِلَاح يُقَال على لَا تفعل استعلاء سَوَاء كَانَ على سَبِيل الحتم أَولا أما فِي اللُّغَة فَلَا يُقَال حَقِيقَة نهي عَن كَذَا إِلَّا إِذا منع عَنهُ، فالقائل حَقِيقَة يُرِيد الِاصْطِلَاح، وَالْقَائِل مجَاز يُرِيد اللُّغَة (وَأَنه) أَي الْمَكْرُوه (لَيْسَ تكليفا) عِنْد الْجُمْهُور لِأَنَّهُ لَيْسَ إِلْزَام مَا فِيهِ كلفة وتكليف عِنْد الْأُسْتَاذ (وَفِيهِمَا) أَي فِي مسئلتي الْمَكْرُوه هَاتين (مَا فيهمَا) أَي فِي مسئلتي الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ وَالْمَنْدُوب والمباح يُكَلف بهما (وَالْمرَاد) بالمكروه الْمَكْرُوه (تَنْزِيها) لِأَن الْمَكْرُوه تَحْرِيمًا لَا خلاف فِي أَنه تَكْلِيف (وَيُطلق) الْمَكْرُوه (على الْحَرَام و) على (خلاف الأولى مِمَّا لَا صِيغَة) نهى (فِيهِ) كَتَرْكِ الضُّحَى، وَهَذَا إِذا فرق بَين التنزيهية وَخلاف الأولى (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يفرق بَينهمَا نظر إِلَى الْمَآل (فالتنزيهية مرجعها إِلَيْهِ) أَي إِلَى خلاف الأولى، إِذْ حاصلها مَا تَركه أولى، والتفرقة مُجَرّد اصْطِلَاح (وَكَذَا يُطلق الْمُبَاح على مُتَعَلق) الْإِبَاحَة (الْأَصْلِيَّة) الَّتِي هِيَ عدم الْمُؤَاخَذَة بِالْفِعْلِ وَالتّرْك لما هُوَ من الْمَنَافِع لعدم ظُهُور تعلق الْخطاب (كَمَا) يُطلق الْمُبَاح أَيْضا (على مُتَعَلق خطاب الشَّارِع تخييرا، وَكِلَاهُمَا) أَي المتعلقين إِنَّمَا يعرفان (بعد الشَّرْع على مَا تقدم) فِي آخر المسئلة الثَّانِيَة من مسئلتي التنزل (أما الْمُعْتَزلَة فأعم من ذَلِك) أَي فالمباح عِنْدهم يُطلق على مَا هُوَ أَعم من مُتَعَلق الْأَصْلِيَّة والشرعية (والعقلية) إِذْ متعلقها عِنْدهم الْأَفْعَال الاخيتارية الَّتِي يدْرك الْعقل عدم اشتمالها على الْمصلحَة والمفسدة وَلم يتَعَلَّق بهَا خطاب لحكم الْعقل بِعَدَمِ الْحَرج فِي فعلهَا وَتركهَا (وَأما من جعله) أَي جَوَاز إِطْلَاق الْمُبَاح شرعا على مُتَعَلق غير الشَّرْعِيَّة وَهُوَ انْتِفَاء الْحَرج فِي الْفِعْل وَالتّرْك وَعدم جَوَاز ذَلِك (خلافًا فِي أَن لفظ الْمُبَاح هَل يُطلق فِي لِسَان الشَّرْع على غير ذَلِك) أَي غير مُتَعَلق خطاب الشَّارِع تخييرا. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: الْكَلَام فِي أَن الْمُبَاح عِنْد بعض الْمُعْتَزلَة مَا انْتَفَى الْحَرج فِي فعله وَتَركه، وَعِنْدنَا مَا تعلق خطاب الشَّارِع بذلك بِهِ (فَلَا حَاصِل لَهُ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ الشَّارِع فَلَا يعرف لَهُ) أَي الشَّارِع (اصْطِلَاح فِي الْمُبَاح أَو) أَرَادَ (أهل الِاصْطِلَاح الفقهي فَلَا خلاف برهانيا) بل هُوَ حِينَئِذٍ لَفْظِي مَبْنِيّ على الاصلاحى (ويرادف الْمُبَاح الْجَائِز وَيزِيد) عَلَيْهِ فِي الْإِطْلَاق (بِإِطْلَاقِهِ) أَي الْجَائِز (على مَا لَا يمْتَنع شرعا وَلَو) كَانَ ذَلِك (وَاجِبا ومكروها) أَي أَو مَكْرُوها فيطلق على الْمَنْدُوب والمباح بطرِيق أولى (و) على مَا لَا يمْتَنع (عقلا) وَهُوَ الْمُمكن الْعَام سَوَاء كَانَ (وَاجِبا أَو راجحا أَو قسيميه) أَي الرَّاجِح وهما الْمَرْجُوح
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute