إِلَى مَا ذكر) فِي أول التَّقْسِيم من الْقسمَيْنِ وَوصف أَولهمَا بِأَنَّهُ أَحَق نوعيها (و) إِلَى (مَا وضع عَنَّا من إصر) أَي حكم مغلظ شاق (كَانَ على من قبلنَا) من الْأُمَم (فَلم يشرع عندنَا) أَي فِي ملتنا أصلا تكريما لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَرَحْمَة لنا (كقرض مَوضِع النَّجَاسَة) من الثَّوْب وَالْجَلد (وَأَدَاء الرّبع فِي الزَّكَاة) لتَعلق الْوُجُوب بِربع المَال، وَاشْتِرَاط قتل النَّفس فِي صِحَة التَّوْبَة، وَبت الْقَضَاء بِالْقصاصِ عمدا كَانَ الْقَتْل أَو خطأ، وإحراق الْغَنَائِم، وَتَحْرِيم الْعُرُوق فِي اللَّحْم، وَتَحْرِيم السبت وَتَحْرِيم الطَّيِّبَات بِسَبَب الذُّنُوب، وَأَن لَا يطهر من الْجَنَابَة وَالْحَدَث غير المَاء، وَكَون الْوَاجِب من الصَّلَاة فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة خمسين، وَعدم جَوَازهَا فِي غير الْمَسْجِد، وَحُرْمَة الْجِمَاع بعد الْعَتَمَة فِي الصَّوْم وَالْأكل بعد النّوم فِيهِ. قَالَ الشَّارِح: وَكِتَابَة ذَنْب المذنب لَيْلًا على بَاب دَاره صباحا وَلَا يخفى أَنه مِمَّا نَحن فِيهِ (و) إِلَى (مَا) أَي حكم (سقط: أَي لم يجب مَعَ الْعذر مَعَ شرعيته فِي الْجُمْلَة) وَتسَمى رخصَة إِسْقَاط (وَهَذَانِ) يَعْنِي مَا وضع عَنَّا وَمَا سقط مَعَ الْعذر إِلَى آخِره جعلا قسمَيْنِ مِنْهَا (بِاعْتِبَار مَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم الرُّخْصَة) فَقَط سَوَاء كَانَ بطرِيق الْحَقِيقَة أَو الْمجَاز من غير اعْتِبَار حَقِيقَتهَا، وَهُوَ أَن يشرع تَخْفِيفًا لحكم مَعَ اعْتِبَار دَلِيله قَائِم الحكم لعذر، أَو متراخيا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لَا حَقِيقَتهَا كالقصر) للصَّلَاة الرّبَاعِيّة للْمُسَافِر، وَإِنَّمَا حكمنَا بِكَوْن الْقصر لَيْسَ فِيهِ حَقِيقَة الرُّخْصَة (لإِيجَاب السَّبَب الْأَرْبَع فِي غير الْمُسَافِر) فالسبب الْمُوجب للأربع، وَهُوَ النَّص الدَّال على وجوب الْأَرْبَع لَيْسَ فِي مَحل الْقصر (و) إِيجَاب السَّبَب (رَكْعَتَيْنِ فِيهِ) أَي فِي الْمُسَافِر، وَذَلِكَ (بِحَدِيث عَائِشَة) رَضِي الله عَنْهَا فِي الصَّحِيحَيْنِ " فرضت الصَّلَاة رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ فأقرت صَلَاة السّفر وزيدت فِي الْحَضَر (وَسُقُوط حُرْمَة الْخمر وَالْميتَة للْمُضْطَر) إِلَى شرب الْخمر وَأكل الْميتَة مَخَافَة الْهَلَاك على نَفسه من الْعَطش والجوع فَإِن دَلِيل الْحُرْمَة لم يقم فِي مَحل الرُّخْصَة، وَهُوَ الِاضْطِرَار (وَالْمكْره) على شرب الْخمر وَأكل الْميتَة بِالْقَتْلِ، وَقطع الْعُضْو فحرمتهما سَاقِطَة مَعَ عذر الِاضْطِرَار وَالْإِكْرَاه ثَابِتَة عِنْد عدمهما على مَا هُوَ ظَاهر الرِّوَايَة (للاستثناء) فِي قَوْله تَعَالَى - {إِلَّا مَا اضطررتم} - بعد قَوْله تَعَالَى - {وَقد فصل لكم مَا حرم عَلَيْكُم} - إِذْ الِاسْتِثْنَاء من الْحَظْر إِبَاحَة (فَتجب الرُّخْصَة) هَهُنَا كَمَا يجب شرب الْخمر وَأكل الْخِنْزِير لدفع الْهَلَاك (وَلَو مَاتَ للعزيمة) هَهُنَا بِأَن يمْتَنع عَن شرب الْخمر وَأكل الْميتَة عِنْد الِاضْطِرَار وَالْإِكْرَاه (أَثم) بإلقائه بِنَفسِهِ إِلَى التَّهْلُكَة من غير ملجئ، لَكِن هَذَا إِذا علم بِالْإِبَاحَةِ فِي حق هَذِه الْحَالة لخفاء انكشاف الْحُرْمَة، فيعذر بِالْجَهْلِ، وَلَا يَحْنَث بأكلها مُضْطَرّا إِذا حلف لَا يَأْكُل الْحَرَام، وَذهب كثير مِنْهُم أَبُو يُوسُف فِي رِوَايَة إِلَى أَن الْحُرْمَة لَا ترْتَفع، بل إثمها يرْتَفع كَمَا فِي الْإِكْرَاه على الْكفْر فَلَا يَأْثَم بالامتناع، وَيحنث فِي الْحلف الْمَذْكُور، فعلى هَذَا يكون من الْقسم الأول لقَوْله
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute