للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَعَالَى - {فَمن اضْطر فِي مَخْمَصَة غير متجانف لإثم فَإِن الله غَفُور رَحِيم} - وَالْمَغْفِرَة إِنَّمَا تكون بعد الْإِثْم وَالْجَوَاب أَن الْمَغْفِرَة بِاعْتِبَار التَّنَاوُل الْمُقدر الزَّائِد على مَا لَا بُد مِنْهُ فِي بَقَاء المهجة: إِذْ يعسر على الْمُضْطَر رِعَايَة ذَلِك (وَمِنْه) أَي من هَذَا الْقسم الْأَخير من الرُّخْصَة (سُقُوط غسل الرجل مَعَ الْخُف) فِي مُدَّة الْمسْح، لِأَن استتار الْقدَم بالخف منع سرَايَة الْحَدث إِلَيْهَا، فوجوب الْغسْل الَّذِي هُوَ الْعَزِيمَة لَيْسَ فِي مَحل الرُّخْصَة، فَغسل الرجلَيْن فِي هَذِه الْحَالة سَاقِط وَالْمسح شرع ابْتَدَأَ تيسيرا، لِأَن الْغسْل يتَأَدَّى بِالْمَسْحِ (وَقَوْلهمْ) أَي جمَاعَة من الْحَنَفِيَّة فِي هَذِه المسئلة (الْأَخْذ بالعزيمة) وَهُوَ غسل الرجلَيْن (أولى) من الْأَخْذ بِالرُّخْصَةِ، وَهُوَ الْمسْح (مَعْنَاهُ إمَاطَة) أَي إِزَالَة (سَبَب الرُّخْصَة بالنزع للخف ليغسلهما أولى من عدمهَا وَالْمسح على الْخُف، هَذَا وَذكر الزَّيْلَعِيّ أَن كَون الْمسْح على الْخُف من هَذَا النَّوْع سَهْو، لِأَن من شَأْن هَذَا النَّوْع عدم بَقَاء مَشْرُوعِيَّة الْعَزِيمَة مَعَه، لَكِن الْغسْل مَشْرُوع وَإِن لم ينْزع الْخُف: وَلذَا يبطل مَسحه إِذا خَاضَ فِي المَاء وَدخل فِي الْخُف حَتَّى انغسل أَكثر رجلَيْهِ، وَكَذَا لَو تكلّف وَغسل رجلَيْهِ من غير نزع الْخُف أَجزَأَهُ عَن الْغسْل حَتَّى لَا يبطل بِانْقِضَاء الْمدَّة انْتهى قَوْله أَجزَأَهُ عَن الْغسْل أَي عَن الْغسْل بعد النزع، وَقَوله حَتَّى لَا يبطل إِلَى آخِره يرد عَلَيْهِ أَن الْغسْل لَا معنى لبطلانه أَيْضا لِأَنَّهُ اضمحل مَعَ وجود هَذَا الْغسْل: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يتَوَهَّم لهَذَا الْغسْل مُدَّة كَمَا للمسح لَا يخفى مَا فِيهِ. وَقَالَ الشَّارِح، وَتعقبه المُصَنّف: بِأَن مبناه على صِحَة هَذَا الْفَرْع، وَهُوَ مَنْقُول فِي الفتاوي الظَّهِيرِيَّة، لَكِن فِي صِحَّته نظر فَإِن كلمتهم متفقة على أَن الْخُف اعْتبر شرعا مَانِعا سرَايَة الْحَدث إِلَى الْقدَم فَتبقى الْقدَم على طَهَارَتهَا، وَيحل الْحَدث بالخف فيزال بِالْمَسْحِ، وبنوا عَلَيْهِ منع الْمسْح للمقيم والمعذورين بعد الْوَقْت وَغير ذَلِك من الخلافيات، وَهَذَا يَقْتَضِي أَن غسل الرجل فِي الْخُف وَعَدَمه سَوَاء إِذا لم يبتل بِهِ ظَاهر الْخُف فِي أَنه لم يزل بِهِ الْحَدث، لِأَنَّهُ غير مَحَله إِلَى قَوْله وَالْأَوْجه كَون الْأَجْزَاء إِذا خَاضَ النَّهر لابتلال الْخُف ثمَّ إِذا انْقَضتْ الْمدَّة إِنَّمَا لم يتَقَيَّد بهَا لحُصُول الْغسْل بالخوض، والنزع إِنَّمَا وَجب للْغسْل وَقد حصل انْتهى. ثمَّ ذكر رِوَايَات من الْكتب الْمُعْتَبرَة تفِيد مَا ذكره المُصَنّف: مِنْهَا مَا فِي فتاوي الإِمَام مُحَمَّد بن الْفضل لَا ينْتَقض مَسحه على كل حَال، لِأَن استتار الْقدَم بالخف يمْنَع سرَايَة الْحَدث إِلَى الرجل فَلَا يَقع هَذَا غسلا مُعْتَبرا فَلَا يُوجب بطلَان الْمسْح، وَمَا فِي المجتبي من أَنه لَا ينْتَقض وَإِن بلغ المَاء الرّكْبَة، ثمَّ ذكر أَن الَّذِي يظْهر لَهُ أَنه يجب عَلَيْهِ غسل رجلَيْهِ ثَانِيًا إِذا نزعهما وَانْقَضَت الْمدَّة وَهُوَ غير مُحدث، لِأَن عِنْد النزع أَو انْقِضَاء الْمدَّة يعْمل ذَلِك الْحَدث السَّابِق عمله فيسرى إِلَى الرجلَيْن فَيحْتَاج إِلَى مزيل لَهُ عَنْهُمَا حِينَئِذٍ للْإِجْمَاع على أَن المزيل لَا يظْهر عمله فِي حدث طَارِئ بعده، ثمَّ قَالَ فَلْيتَأَمَّل،

<<  <  ج: ص:  >  >>