فَإِن الْحَنَفِيَّة أثبتوا للْفِعْل حسنا وقبحا لذاته وَإِن لم يثبتوا الْوُجُوب وَالْحُرْمَة بِمُجَرَّد ذَلِك بِدُونِ السّمع كَمَا أثبت الْمُعْتَزلَة، وبالوجود الْحكمِي بحسنه وَالْعَمَل بِمُوجبِه، وَحجر الشَّرْع مَنعه عَن الْعَمَل بِمُوجبِه لمصْلحَة أهمّ من ذَلِك وَلم يُوجد مَنعه من الْعَمَل بِمُوجب حسن الْإِيمَان وَهُوَ الْإِتْيَان بِهِ (وَلَا يَلِيق) الْحجر عَنهُ بالشارع لعدم احْتِمَال حسنه الْقبْح بِوَجْه مَا، وَلَو صَار مَحْجُورا عَنهُ لأمر لَكَانَ قبيحا من تِلْكَ الْجِهَة. وَقد مر أَن نَفعه لَا يشوبه ضَرَر ثمَّ لما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه قد يكون فِيهِ ضَرَر فِي أَحْكَام الدُّنْيَا كحرمانه عَن مُوَرِثه الْكَافِر، والفرقة بَينه وَبَين زَوجته الْمَجُوسِيَّة أجَاب بقوله (وضرر حرمَان الْمِيرَاث وَفرْقَة النِّكَاح) أَي زَوَاله: أَي بينونة الْمَنْكُوحَة (مضافان إِلَى كفر الْقَرِيب و) كفر (الزَّوْجَة) لَا إِلَى إِيمَان الْقَرِيب وَالزَّوْج (وَلَو سلم) لُزُوم ذَلِك لَهُ (فَحكم الشَّيْء الْمُوجب) بِالرَّفْع صفة الحكم وفاعله (ثُبُوته) ومفعوله (صِحَّته) الضَّمِير الأول عَائِد إِلَى الحكم، وَالثَّانِي إِلَى الشي لَا الْعَكْس، وجر الْمُوجب صفة للشَّيْء كَمَا قَالَ الشَّارِح إِذْ يسْتَدلّ بِثُبُوت حكم الشَّيْء على صِحَة ذَلِك الشَّيْء لِأَنَّهُ لَو لم يكن صَحِيحا لما ثَبت حكمه. فَإِن غير الصَّحِيح لَا يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الحكم فَإِن قلت كَذَلِك يسْتَدلّ بِثُبُوت الشَّيْء على صِحَة حكمه قلت حكم الشَّيْء ذَلِك الشَّيْء والتوصيف بِالصِّحَّةِ وضدها إِنَّمَا يَلِيق بِالْأَصْلِ دون الْفَرْع، يُقَال: البيع صَحِيح أَو فَاسد، وَلَا يُقَال: الْملك صَحِيح أَو فَاسد، ثمَّ حكم الشَّيْء مُبْتَدأ خَبره (مَا) أَي الحكم الَّذِي (وضع) الشَّيْء (لَهُ) أَي لذَلِك الحكم (وَوَضعه) أَي الْإِيمَان (لَيْسَ لذَلِك) أَي لحرمان الْإِرْث والفرقة بَين الزَّوْجَة وَبَينه (وَإِن لزم) ذَلِك (عِنْده) أَي الْإِيمَان لَازِما من لوازمه التابعة لوُجُوده، يَعْنِي لَو كَانَ الحرمان والفرقة حكما للْإيمَان بِأَن يكون الْإِيمَان مَوْضُوعا لَهُ فَيُوجب ثُبُوته صِحَة الْإِيمَان لَكَانَ يخل بِكَوْن الْإِيمَان نفعا مَحْضا، أما كَون بعض تَوَابِع وجوده ضَرَرا فَغير مخل بِهِ إِذْ لَا عِبْرَة بِهِ فِي جنب مَنَافِعه الْخَارِجَة عَن الْحَد وَالْعد (بل) وضع (لسعادة الدَّاريْنِ) فَهِيَ حِكْمَة الْمُوجب ثُبُوته صِحَة الْإِيمَان (مَعَ أَنه) أَي الْإِسْلَام (مُوجب إِرْثه من الْمُسلم فَلم يكن) لَازمه (محصورا فِي الأول) أَي حرمَان الْإِرْث وَيعود ملك نِكَاحه إِذا كَانَت أسلمت قبله فيتعارضان النَّفْع وَالضَّرَر ويتساقطان فَيبقى الْإِسْلَام فِي نَفسه نفعا مَحْضا، وَصَارَ هَذَا (كقبول هبة الْقَرِيب) من إِضَافَة الْمصدر إِلَى مَفْعُوله، والقابل الوليّ (من الصَّبِي) صلَة للقريب (يَصح) الْقبُول (مَعَ ترَتّب عتقه) أَي الْقَرِيب الْمَوْهُوب على الْقبُول (وَهُوَ) أَي عتقه (ضَرَر لِأَن الحكم الْأَصْلِيّ) للهبة إِنَّمَا هُوَ (الْملك بِلَا عوض) لَا الْعتْق الْمُرَتّب عَلَيْهَا فِي هَذِه الصُّورَة (وَعرض الْإِسْلَام عَلَيْهِ) أَي على الصَّبِي الَّذِي لَهُ زَوْجَة (لإسلام زَوجته) لِئَلَّا تبين عَنهُ (لصِحَّته) أَي الْإِسْلَام (مِنْهُ) أَي الصَّبِي (لَا لوُجُوبه) عَلَيْهِ (وضربه) أَي الصَّبِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute