(لعشر) أَي عِنْد بُلُوغ سنه عشرا (على الصَّلَاة) أَي لأَجلهَا لقَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " مروا الصَّبِي بِالصَّلَاةِ إِذا بلغ سبع سِنِين. وَإِذا بلغ عشر سِنِين فَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا " قَالَ التِّرْمِذِيّ حسن صَحِيح إِنَّمَا شرع (تأديبا) أَي ليتخلق بأخلاق الْمُسلمين ويعتاد الصَّلَاة فِي الْمُسْتَقْبل (كالبهيمة) أَي كضربها على بعض الْأَفْعَال فَعَنْهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " تضرب الدَّابَّة على النفار وَلَا تضرب على العثار وَفِيه مقَال (لَا للتكليف وَالثَّانِي) أَي مَا هُوَ حق الله تَعَالَى وَلَا يحْتَمل قبحه الْحسن (الْكفْر) فَإِنَّهُ قَبِيح فِي كل حَال، وَهُوَ (يَصح مِنْهُ) أَي من الصَّبِي الْمُمَيز أَيْضا وَإِن لم يكن مُكَلّفا بالكف عَنهُ لعدم توجه الْخطاب إِلَيْهِ فَهُوَ إِذا اخْتَار الْكفْر اعْتبر كفره (فِي) حق (أَحْكَام الْآخِرَة) كالخلود فِي النَّار (اتِّفَاقًا) إِذْ الْعَفو وَدخُول الْجنَّة مَعَ الْكفْر مِمَّن يعْتَبر أَدَاؤُهُ لعقله وَصِحَّة دركه لم يرد بِهِ شرع وَلَا يحكم بِهِ عقل، كَذَا قَالُوا. وَقد يُقَال أَن قَوْله تَعَالَى - {وَمَا كُنَّا معذبين حَتَّى نبعث رَسُولا} - دلّ على أَن الْعَذَاب للمبعوث إِلَيْهِ، والمبعوث إِلَيْهِ: إِنَّمَا هُوَ الْمُكَلف، وَالصَّبِيّ لَيْسَ بمكلف، وَقد يُجَاب بِأَن عدم تَكْلِيفه مَعَ عُمُوم الخطابات إِنَّمَا هُوَ رَحْمَة لَهُ لضعف عقله أَو بنيته وَحَيْثُ اخْتَار الْكفْر مَعَ التَّمْيِيز بَين الْكفْر وَالْإِيمَان لم يبْق محلا للرحمة، وكلف بِالْإِيمَان فَتَأمل (وَكَذَا) يَصح (فِي) أَحْكَام (الدُّنْيَا خلافًا لأبي يُوسُف) آخرا وَالشَّافِعِيّ وَفِي الْمَبْسُوط وَفِي رِوَايَة عَن أبي حنيفَة وَهُوَ الْقيَاس، لِأَنَّهُ ضَرَر مَحْض كإعتاق عَبده، وَإِذا لم يَصح مِنْهُ مَا هُوَ مُتَرَدّد بَين النَّفْع وَالضَّرَر، فَمَا كَانَ ضَرَرا مَحْضا أولى، وَجه الِاسْتِحْسَان أَن الْكفْر مَحْظُور مُطلقًا فَلَا يسْقط بِعُذْر فيستوي فِيهِ الْبَالِغ وَغَيره (فَتبين امْرَأَته الْمسلمَة وَيحرم الْمِيرَاث) من مُوَرِثه الْمُسلم بِالرّدَّةِ تبعا للْحكم بِصِحَّتِهَا، لَا قصدا لضرره كَمَا إِذا ثَبت الارتداد تبعا لِأَبَوَيْهِ بِأَن ارتدا أَو لَحقا بدار الْحَرْب (وَإِنَّمَا لم يقتل) حِينَئِذٍ (لِأَنَّهُ) أَي الْقَتْل لَيْسَ لمُجَرّد الارتداد (بل) قتل الْكَافِر إِنَّمَا هُوَ (بالحرابة) لأهل الْإِسْلَام (وَلَيْسَ) الصَّبِي (من أَهلهَا، وَلَا) يقتل الصَّبِي الْمُرْتَد (بعد الْبلُوغ) ظرف للْقَتْل سَوَاء ارتداده قبل الْبلُوغ أَو بعده إِذا لم يجدد إيمَانه بعد الْبلُوغ (لِأَن فِي صِحَة إِسْلَامه صَبيا خلافًا) بَين الْعلمَاء فَلَا يتَحَقَّق الارتداد على قَول من لم يصحح إيمَانه، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (أورث شُبْهَة فِيهِ) أَي فِي الْقَتْل (وَالثَّالِث) أَي مَا هُوَ حق لله تَعَالَى مُتَرَدّد بَين الْحسن والقبح (كَالصَّلَاةِ وَأَخَوَاتهَا) من الْعِبَادَات الْبَدَنِيَّة كَالصَّوْمِ وَالْحج، فَإِن مشروعيتها وحسنها فِي وَقت دون وَقت كوقت طُلُوع الشَّمْس واستوائها وغروبها فِي حق الصَّلَاة ويومي الْعِيد وَأَيَّام التَّشْرِيق فِي حكم الصَّوْم، وَحكم هَذِه الْعِبَادَة أَنَّهَا (تصح) من الصَّبِي (لمصْلحَة ثَوَابهَا) فِي الْآخِرَة واعتياد أَدَائِهَا بعد الْبلُوغ بِحَيْثُ لَا يشق عَلَيْهِ (بِلَا عُهْدَة فَلَا يلْزم بِالشُّرُوعِ) فَيجب الْمُضِيّ فِيهَا (وَلَا بالإفساد) فَيجب قَضَاؤُهَا، وَلَا يلْزم جَزَاء مَحْظُور إِحْرَامه: أَي الصَّبِي كَمَا لَو شرع الْبَالِغ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute