غير صَحِيح، إِذْ لَا حكم فِي الْإِنْشَاء، وتأويله غير ظَاهر، فَكَأَنَّهُ حرر هَذَا الْمحل من عِنْد نَفسه. وَالْوَجْه أَن يُقَال: إِنَّمَا خرج نَحْو قُم بقوله مَحْكُوم فِيهِ بِنِسْبَة، وَقَوله لَهَا خَارج لزِيَادَة التَّوْضِيح وَإِشَارَة إِلَى أَنه مُشْتَمل على نِسْبَة لَيست على طرز نِسْبَة الْخَبَر بِأَن يكون لَهَا خَارج هِيَ حاكية عَنهُ ليتصور فِيهَا الْمُطَابقَة وَعدمهَا وَالله أعلم. وَمَا قيل مُبْتَدأ خَبره (فعلى إِرَادَة مَا يحسن عَلَيْهِ السُّكُوت بالْكلَام) الْمَذْكُور فِي صدر التَّعْرِيف (فَلَا يرد) نَحْو (الْغُلَام الَّذِي لزيد) إِذْ لَا يحسن السُّكُوت عَلَيْهِ فَهُوَ غير دَاخل فِي التَّعْرِيف فَلَا يضر صدق مَا بعد الْجِنْس عَلَيْهِ لَو اعْتبر فِيهِ الحكم وَالنِّسْبَة الْمَذْكُورَة بِاعْتِبَار أَن الْأَوْصَاف قبل الْعلم بهَا أَخْبَار، والمركب التوصيفي يبْنى عَلَيْهِ (وَلَا حَاجَة إِلَى مَحْكُوم) حِينَئِذٍ لإِخْرَاج نَحْو الْغُلَام الَّذِي لزيد: إِذْ لم يدْخل فِي الْجِنْس حَتَّى يخرج (بل قد يُوهم) ذكره (أَن مَدْلُول الْخَبَر الحكم) بِوُقُوع النِّسْبَة (وَحَاصِله) أَي الحكم (علم) لِأَنَّهُ إِدْرَاك أَن النِّسْبَة وَاقعَة أَو لَيست بواقعة، فَهُوَ قسم من الْعلم إِن فسرنا الْعلم بِمَا يعم التَّصَوُّر والتصديق، أَو نفس الْعلم إِن فسرناه بالتصديق (ونقطع بِأَنَّهُ) أَي الْخَبَر (لم يوضع لعلم الْمُتَكَلّم بل) إِنَّمَا وضع (لما عِنْده) أَي الْمُتَكَلّم من وُقُوع النِّسْبَة أَولا وُقُوعهَا وَالْحَاصِل أَنه مَوْضُوع للمعلوم لَا الْعلم (فَالْأَحْسَن) فِي تَعْرِيفه (كَلَام لنسبته خَارج) لِئَلَّا يرد شَيْء مِمَّا ذكر، فيحوج إِلَى تكلّف لَا يَلِيق بالتعريف.
(وَاعْلَم أَنه) أَي الْخَبَر (يدل على مطابقته) للْوَاقِع، وَلذَا قيل: مَدْلُول الْخَبَر الصدْق، وَالْكذب احْتِمَال (فَإِنَّهُ يدل على نِسْبَة) تَامَّة ذهنية (وَاقعَة) فِي الْإِثْبَات (أَو غير وَاقعَة) فِي السَّلب مشعرة بِحُصُول نِسْبَة أُخْرَى فِي الْوَاقِع، لكَونهَا حاكية عَنْهَا مُوَافقَة لَهَا فِي الْكَيْفِيَّة فالثانية مدلولة بتوسط الأولى وَهِي الْمَقْصُودَة بالإفادة، فَإِن كَانَ مَا فِي نفس الْأَمر على طبق مَا فِي الذِّهْن على الْوَجْه الَّذِي أشعرت بِهِ فَهُوَ صَادِق، وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِب، وَلذَا قيل: صدق الْخَبَر بِثُبُوت مَدْلُوله مَعَه، وَكذبه تخلف مَدْلُوله عَنهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (ومدلول اللَّفْظ لَا يلْزم كَونه ثَابتا فِي الْوَاقِع فجَاء احْتِمَال الْكَذِب بِالنّظرِ إِلَى أَن الْمَدْلُول) الْمَذْكُور هُوَ (كَذَلِك فِي نفس الْأَمر أَولا، وَمَا) أَي الْكَلَام الَّذِي (لَيْسَ بِخَبَر إنْشَاء وَمِنْه) أَي من الْإِنْشَاء (الْأَمر وَالنَّهْي والاستفهام وَالتَّمَنِّي، والترجي، وَالْقسم، والنداء: وَيُسمى الأخيران) أَي الْقسم والنداء (تَنْبِيها أَيْضا) بل المنطقيون يسمون الْأَرْبَعَة الْأَخِيرَة تَنْبِيها، وَزَاد بَعضهم الِاسْتِفْهَام وَابْن الْحَاجِب على أَن مَا لَيْسَ بِخَبَر يُسمى إنْشَاء وتنبيها، كَذَا ذكره الشَّارِح.
(وَاخْتلف فِي صِيغ الْعُقُود والإسقاطات كبعت وأعتقت إِذا أُرِيد حُدُوث الْمَعْنى بهَا) أَي بِتِلْكَ الصِّيَغ (فَقيل: إخبارات عَمَّا فِي النَّفس من ذَلِك) أَي من خصوصيات تِلْكَ الْعُقُود
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute