والاسقاطات، فيقرر ذَلِك فِي نَفسه ثمَّ يخبر عَنهُ بهَا: وَهَذَا قَول الْجُمْهُور (فيندفع الِاسْتِدْلَال على إنشائيته) أَي مَا ذكر من الصِّيَغ (بِصدق تَعْرِيفه) أَي الْإِنْشَاء عَلَيْهِ، وَهُوَ كَلَام لَيْسَ لنسبته خَارج، وَالْجَار وَالْمَجْرُور صلَة الِاسْتِدْلَال (وَانْتِفَاء لَازم الْأَخْبَار) مَعْطُوف على الْمَجْرُور. ثمَّ بَين لَازمه بقوله (من احْتِمَال الصدْق وَالْكذب) عَنهُ لِأَن بِعْت لَيْسَ بأخبار عَن بيع سَابق ليحتملهما، وَإِنَّمَا انْدفع (لِأَن ذَلِك) الِاسْتِدْلَال إِنَّمَا يتم (لَو لم يكن) مَا ذكر من الصِّيَغ (إِخْبَارًا عَمَّا فِي النَّفس) أما إِذا كَانَ إِخْبَارًا عَنهُ فَلَا، إِذْ لَا يصدق عَلَيْهِ تَعْرِيف الْإِنْشَاء حِينَئِذٍ، وَلَا ينتفى عَنهُ لَازم الْأَخْبَار (وَغَايَة مَا يلْزم) هَذَا القَوْل (أَنه) أَي مَا ذكر من الصِّيَغ (إِخْبَار يعلم صدقه بِخَارِج) عَن نَفسه. ثمَّ صور ذَلِك الْخَارِج فِي الْمِثَال، فَقَالَ (كأخباره بِأَن فِي ذهنه كَذَا) يَعْنِي لما كَانَت النِّسْبَة الخارجية الَّتِي هِيَ مصداق صدق هَذَا الْإِخْبَار أمرا حَاصِلا فِي ذهن الْمخبر أمكن لَهُ الْعلم بمطابقة النِّسْبَة الذهنية الْمَدْلُول عَلَيْهَا بِهِ إِيَّاهَا، والإعلام بهَا لغيره: وَهَذَا لَا يُنَافِي كَونه مُحْتملا للصدق وَالْكذب فِي ذَاته، وَزعم الشَّارِح أَن المُرَاد بِخَارِج هُوَ نفس اللَّفْظ كَقَوْلِه: بِعْت فَإِنَّهُ يُفِيد أَن مَعْنَاهُ قَائِم بِنَفسِهِ فَيعلم صدقه هَذَا كَلَامه، وَلَا يخفى عَلَيْك أَن بِعْت نفس الْخَبَر الْمَذْكُور فَمَا معنى خُرُوجه، ثمَّ أَنه إِن أَرَادَ بإفادته أَن مَعْنَاهُ قَائِم بِنَفسِهِ دلَالَته عَلَيْهِ فَلَا يعلم بِهِ صدقه لاحْتِمَال الْمُوَاضَعَة والهزل وَغَيرهمَا، وَكَذَا إِن أَرَادَ بهَا استلزامه إِيَّاه بِحَسب التَّحْقِيق، لِأَن الْمُلَازمَة مَمْنُوعَة لاحتمالهما فَإِن قلت: الشَّرْع يحكم عَلَيْهِ بِمُوجب البيع بِمُجَرَّد قَوْله بِعْت، فَلَو كَانَ مُحْتملا للصدق وَالْكذب لما ألزمهُ بِهِ قلت هَذَا اعْتِبَار لفظ شَرْعِي لصيانة حُقُوق النَّاس، وَهُوَ لَا يُنَافِي كَونه مُحْتملا لَهما فِي حد ذَاته فَتدبر (وَمَا اسْتدلَّ) أَي اسْتدلَّ بِهِ الإنشائيون من أَنه (لَو كَانَ خَبرا لَكَانَ مَاضِيا) لوضع لَفظه لذَلِك، وَعدم صَارف (وَامْتنع التَّعْلِيق) أَي تَعْلِيقه بِالشّرطِ، لِأَن التَّعْلِيق تَوْقِيف دُخُول أَمر فِي الْوُجُود على دُخُول غَيره فِيهِ، والماضي قد دخل فِيهِ فَلَا يَتَأَتَّى فِيهِ ذَلِك (مَدْفُوع بِأَنَّهُ مَاض: إِذْ ثَبت فِي ذهن الْقَائِل البيع وَالتَّعْلِيق وَاللَّفْظ) الْمُشْتَمل على تَعْلِيق البيع (إِخْبَار عَنْهُمَا) أَي عَن التَّعْلِيق وَالْبيع الثابتين قبل التَّكَلُّم بِهِ (وألزم امْتنَاع الصدْق) أَي ادّعى أَن صدق هَذَا الْخَبَر مُمْتَنع (لِأَنَّهُ) أَي الصدْق لَا يتَحَقَّق إِلَّا (بالمطابقة) بل هُوَ عين مُطَابقَة مَدْلُول الْخَبَر الْوَاقِع (وَهِي) أَي الْمُطَابقَة لَا تتَصَوَّر إِلَّا (بالتعدد) أَي تعدد طرفِي الْمُطَابقَة: أَحدهمَا النَّفْسِيّ الَّذِي هُوَ مَدْلُول الْكَلَام، وَالْآخر مَا فِي الْوَاقِع (وَلَيْسَ) فِي الْوَاقِع هُنَا شَيْء (إِلَّا مَا فِي النَّفس، وَهُوَ الْمَدْلُول) بِعَيْنِه (فَلَا خَارج) عَن الْمَدْلُول لتغير الْمُطَابقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ فَلَا مُطَابقَة فَلَا صدق (وَأجِيب بِثُبُوتِهِ) أَي التَّعَدُّد اعْتِبَارا، وَإِن لم يكن ذاتا (فَمَا فِي النَّفس من حَيْثُ هُوَ مَدْلُول اللَّفْظ غَيره)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute