الْخَبَر) لخلوة عَن الْقَصْد والشعور المعتد بِهِ على مَا هُوَ حَال الْمَجْنُون، والخالي عَنهُ لَيْسَ بِكَلَام فضلا عَن كَونه خَبرا (وَقَول عَائِشَة فِي ابْن عمر من رِوَايَة البُخَارِيّ) حَيْثُ روى عَنهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
" الْمَيِّت يعذب ببكاء أَهله عَلَيْهِ ". (مَا كذب وَلكنه وهم) إِنَّمَا قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لرجل مَاتَ يَهُودِيّا " أَن الْمَيِّت ليعذب وَأَن أَهله ليبكون عَلَيْهِ " حسن صَحِيح (تُرِيدُ) عَائِشَة بِهِ لم يكذب (عمدا، وَقيل) وَالْقَائِل النظام (الصدْق مُطَابقَة الِاعْتِقَاد) وَإِن كَانَ الِاعْتِقَاد غير مُطَابق للْوَاقِع (وَالْكذب عدمهَا) أَي عدم مُطَابقَة الِاعْتِقَاد وَإِن كَانَ مطابقا للْوَاقِع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فالمطابق) للْوَاقِع (كذب إِذا اعْتقد عدمهَا) أَي الْمُطَابقَة وَلَا وَاسِطَة بَين الصدْق وَالْكذب (لقَوْله تَعَالَى: {وَالله يشْهد أَن الْمُنَافِقين لَكَاذِبُونَ فِي قَوْلهم}: نشْهد أَنَّك لرَسُول الله) فَإِنَّهُ مُطَابق للْوَاقِع دون اعْتِقَادهم (أُجِيب) بِأَن التَّكْذِيب إِنَّمَا هُوَ (فِي) الحكم الْمَفْهُوم من لفظ (الشَّهَادَة) الدَّال على مُوَافقَة اللِّسَان الْقلب (لعدم المواطأة) أَي مُوَافقَة اللِّسَان الْقلب (أَو فِيمَا تضمنته) الشَّهَادَة (من الْعلم) لكَونه إِخْبَارًا عَن مُعَاينَة يلْزمهَا الْعلم، فَقَوله: أشهد بِكَذَا تضمن أَنِّي أقوله عَن علم، أَو المُرَاد أَنهم قوم شَأْنهمْ الْكَذِب وَإِن صدقُوا فِي هَذِه الشَّهَادَة (والموجب لهَذَا) التَّأْوِيل (وَمَا قبله) من تَأْوِيل قَول عَائِشَة (الْقطع من اللُّغَة) أَي الْقطع الْحَاصِل من تتبعها (بالحكم) صلَة الْقطع (بِصدق) صلَة الحكم (قَول الْكَافِر كلمة الْحق) مقول القَوْل، وَالْمرَاد بهَا الْكَلَام كَقَوْلِه: الْإِسْلَام حق لكَونه مطابقا للْوَاقِع مَعَ أَنه لَا يُطَابق اعْتِقَاده، وَمَا ذكره الْفَرِيقَانِ من الظنون، والقطعي لَا يتْرك بهَا: بل الْأَمر بِالْعَكْسِ (وينقسم) الْخَبَر (بِاعْتِبَار آخر) أَي بِاعْتِبَار إفادته الْقطع بصدقه وَعَدَمه (إِلَى مَا يعلم صدقه ضَرُورَة) أَي علما ضَرُورِيًّا إِمَّا بِنَفسِهِ من غير انضمام غَيره إِلَيْهِ، وَهُوَ الْمُتَوَاتر فَإِنَّهُ بِنَفسِهِ يُفِيد الْعلم الضَّرُورِيّ بمضمونه، وَإِمَّا بِغَيْرِهِ بِأَن يكون مُتَعَلّقه مَعْلُوما لكل أحد من غير نظر، نَحْو الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ (أَو نظرا) أَي علما نظريا (كَخَبَر الله وَرَسُوله) وَأهل الْإِجْمَاع وَخبر من ثَبت بِأَحَدِهِمَا صدقه: بِأَن أخبر الله، أَو رَسُوله، أَو أهل الْإِجْمَاع بصدقه، وَخبر من دلّ الْعقل بالبرهان على صدقه، فَإِن هَذِه كلهَا علم وُقُوع مضمونها بِالنّظرِ، وَالِاسْتِدْلَال: وَهُوَ الْأَدِلَّة القاطعة على صدق الله وَرَسُوله، وعصمة الْأمة عَن الْكَذِب، وَيَتَرَتَّب عَلَيْهَا الْبَاقِي أَو) مَا يعلم (كذبه بمخالفة ذَلِك) أَي مَا علم صدقه ضَرُورَة أَو نظرا أ (وَمَا يظنّ) فِيهِ (أَحدهمَا) أَي صدقه أَو كذبه (كَخَبَر الْعدْل) لرجحان صدقه على كذبه (والكذوب) أَي الَّذِي اعْتَادَ الْكَذِب لرجحان كذبه على صدقه (أَو) مَا (يتساويان) أَي الاحتمالان فِيهِ (كالمجهول) أَي كَخَبَر مَجْهُول الْحَال بِأَن لم يعلم حَاله فِي الْعَدَالَة وَعدمهَا (وَمَا قيل مَا لم يعلم صدقه