يعلم كذبه) وَإِلَّا لنصب على صدقه دَلِيل (كَخَبَر مدعي الرسَالَة) إِذْ لَو كَانَ صَادِقا دلّ عَلَيْهِ بالمعجزة، وَهَذَا مَذْهَب بعض الظَّاهِرِيَّة (بَاطِل للُزُوم ارْتِفَاع النقيضين فِي أَخْبَار مستورين بنقيضين) من غير دَلِيل على صدق أَحدهمَا للُزُوم كذبهما بِمُوجب مَا قيل ويستلزم اجْتِمَاعهمَا، لِأَن كذب كل نقيض يسْتَلْزم صدق الآخر (وَلُزُوم الحكم بِكفْر كثير من الْمُسلمين) الَّذين حَالهم مَسْتُور من حَيْثُ الْعَدَالَة. وَفِي الشَّرْح العضدي، وَأَيْضًا يلْزم الْعلم بكذب كل شَاهد إِذْ لَا يعلم صدقه وَالْعلم بِكفْر كل مُسلم فِي دَعْوَى إِسْلَامه: إِذْ لَا دَلِيل على مَا فِي بَاطِنه، وَذَلِكَ بَاطِل بِالْإِجْمَاع والضرورة (بِخِلَاف أهل ظُهُور الْعَدَالَة) من الْمُسلمين: وهم الَّذين ظَاهر حَالهم الْعَدَالَة فَإِنَّهُ لَا يلْزم الحكم بكفرهم إِذْ ادعوا الْإِسْلَام (لِأَنَّهَا) أَي عدالتهم (دَلِيل) يدل على صدقهم فقد نصب عَلَيْهِ دَلِيل وَهَذَا مَبْنِيّ (على أَن يُرَاد بِالْعلمِ الأول) الْمَذْكُور فِي قَوْله مَالا يعلم صدقه يعلم كذبه (الظَّن) لِأَن ظُهُور الْعَدَالَة دَلِيل يُفِيد الْعلم الظني، وَإِذا تحقق الْعلم الظني لم يتَحَقَّق مَضْمُون مَا لم يعلم فَلَا يتَحَقَّق الْعلم بِالْكَذِبِ وَلَا بُد أَن يحمل قَوْلهم على هَذَا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يرد بِهِ الظَّن بل الْقطع (بَطل خبر الْوَاحِد) لِأَنَّهُ يُفِيد الظَّن، لَا الْقطع فَيدْخل تَحت قَوْلهم: مَا لم يعلم صدقه فَيلْزم كذبه (وَلَا يَقُوله) أَي بطلَان خبر الْوَاحِد المستلزم بطلَان الْعَمَل بِهِ (ظاهري فَلَا يتم إِلْزَام كفر كل مُسلم) كَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب لوُجُود الْعلم الظني بصدقه عِنْد ظُهُور عَدَالَته (وَالْحكم بكذب الْمُدَّعِي) الرسَالَة بِلَا معْجزَة (بدليله) أَي دَلِيل التَّكْذِيب لِأَن الرسَالَة عَن الله تَعَالَى على خلاف الْعَادة وَهِي تقضي بكذب من يَدعِي مَا يُخَالِفهَا بِلَا دَلِيل يدل على صدقه، بِخِلَاف الْأَخْبَار عَن الْأُمُور الْمُعْتَادَة، فَإِن الْعَادة لَا تقضي بكذب من يدعيها بِلَا دَلِيل فَالْقِيَاس فَاسد، ثمَّ الحكم بكذب من يَدعِي الرسَالَة بِلَا دَلِيل قَطْعِيّ، وَالصَّحِيح على مَا ذكره السُّبْكِيّ، وَقيل لَا يقطع بكذبه لتجويز الْعقل صدقه، قَالَ إِمَام الْحَرَمَيْنِ وَغير خَافَ أَن المُرَاد مدعيها قبل نَبينَا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (و) يَنْقَسِم الْخَبَر (بِاعْتِبَار آخر) أَي السَّنَد (إِلَى متواتر وآحاد فالمتواتر) لُغَة المتتابع على التَّرَاخِي، وَاصْطِلَاحا (خبر جمَاعَة يُفِيد الْعلم، لَا بالقرائن الْمُنْفَصِلَة) عَنهُ فبقيد جمَاعَة خرج خبر الْفَرد، وبإفادة الْعلم خبر آحَاد هِيَ جمَاعَة غير أَنه لَا يُفِيد الْعلم، وبنفي الْقَرَائِن الْمُنْفَصِلَة خرج مَا يُفِيد الْعلم من خبر جمَاعَة بِسَبَب دلَالَة الْعقل كإخبارهم بِأَن النَّفْي وَالْإِثْبَات لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان، أَو بِسَبَب مُوَافَقَته لخَبر الله أَو خبر رَسُوله، أَو بِدلَالَة الْحس من مُشَاهدَة حَالهم كَمَا إِذا أخبروا عَن عطشهم وَعَن جوعهم، وآثار ذَلِك مُعَاينَة فيهم، أَو أخبروا عَن موت أَبِيهِم مثلا مَعَ شقّ الْجُيُوب، وَضرب الخدود، والتفجع عَلَيْهِ، وَهَذِه الْقَرَائِن الَّتِي احترزوا عَنْهَا (بِخِلَاف مَا يلْزم) من الْقَرَائِن (نَفسه) أَي نفس الْخَبَر مثل الهيئات الْمُقَارنَة لَهُ، الْمُوجبَة لتحَقّق مضمونه (أَو الْمخبر) مثل كَونه موسوما
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute