بِالصّدقِ مباشرا لِلْأَمْرِ الَّذِي أخبر بِهِ، كَذَا ذكره الشَّارِح. وَفِيه أَن عدم الْمُبَاشرَة من غير الْقَرَائِن الْمُنْفَصِلَة، ومعاينة آثَار الْجُوع والعطش من الْمُنْفَصِلَة لحكم (أَو الْمخبر عَنهُ) أَي الْوَاقِعَة الَّتِي أخبروا عَن وُقُوعهَا ككونها أمرا مترقبا قريب الْوُقُوع، فَإِن حُصُول الْعلم بِمَعْرِِفَة مثل هَذِه الْقَرَائِن لَا يقْدَح فِي التوتر، وَفِي الشَّرْح العضدي أَو الْمخبر بِفَتْح الْبَاء، وَفَسرهُ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ بالسامع الَّذِي ألقِي إِلَيْهِ الْخَبَر وَلم يذكرهُ المُصَنّف، وَلَا يبعد أَنه عده من الْمُنْفَصِلَة (وَعنهُ) أَي عَمَّا ذكر من هَذَا النَّوْع من الْقَرَائِن (يتَفَاوَت عدده) أَي الْمُتَوَاتر كَمَا إِذا كَانَ المخبرون موسومين بِالصّدقِ وَالْعدْل يحصل الْعلم بِإِخْبَار عدد أقل من عدد الموسومين، بِخِلَاف ذَلِك (ومنعت السمنية) بِضَم السِّين الْمُهْملَة وَفتح الْمِيم: فرقة من عَبدة الْأَصْنَام، ذكره الْجَوْهَرِي. وَفِي شرح البديع، وهم طَائِفَة منسوبة إِلَى سومنان بلد مَشْهُور بِالْهِنْدِ، والبراهمة وهم طَائِفَة لَا يجوزون على الله بعثة الرُّسُل (إفادته) أَي الْخَبَر (الْعلم، وَهُوَ) أَي مَنعهم (مُكَابَرَة لأَنا نقطع بِوُجُود نَحْو مَكَّة والأنبياء وَالْخُلَفَاء) بالأخبار المتواترة كَمَا يقطع بالمحسوسات بالإحساس (وتشكيكهم) أَي السمنية فَمَا هُوَ مَبْنِيّ إفادته الْعلم من اتِّفَاق الجم الْغَفِير على خبر وَاحِد (بِأَنَّهُ) أَي الِاجْتِمَاع الْمَذْكُور كاشتهاء الْكل طَعَاما وَاحِدًا. وَفِي بعض النّسخ (كَأَكْل الْكل طَعَاما) وَهُوَ مُمْتَنع (وَأَن الْجَمِيع) أَي وَبِأَن الْجَمِيع مركب (من الْآحَاد، وكل) مِنْهُم (لَا يعلم خَبره) أَي لَا يُفِيد الْعلم (فَكَذَا الْكل) وَإِلَّا يلْزم انقلاب الْمَاهِيّة (وبلزوم تنَاقض المعلومين) المتناقضين (إِذا أخبر جمعان) بلغ كل مِنْهُمَا عدد التَّوَاتُر (كَذَلِك) بِأَن يُفِيد خبر كل مِنْهُمَا الْعلم بِنَفسِهِ (بهما) صلَة أخبر: أَي بذينك المعلومين المتناقضين كَمَا إِذا أخْبرك أَحدهمَا بِمَوْت زيد فِي وَقت معِين وَالْآخر بحياته فِي ذَلِك الْوَقْت (و) يلْزم (صدق الْيَهُود فِي) نقلهم عَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام (لَا نَبِي بعدِي). وَقد ثَبت خِلَافه بالأدلة القطعية (و) بِلُزُوم (عدم الْخلاف) فِي إفادته الْعلم بِنَاء على دَعْوَى الضَّرُورَة فِي الْعلم الَّذِي يفِيدهُ (وبأنا نفرق بَينه) أَي بَين الْعلم الَّذِي يفِيدهُ الْمُتَوَاتر (و) بَين (غَيره من الضروريات ضَرُورَة) أَي فرقا بديهيا حَتَّى لَو عرضنَا على أَنْفُسنَا وجود جالينوس، وَكَون الْوَاحِد نصف الِاثْنَيْنِ وجدنَا الثَّانِي أقرب من الأول بِالضَّرُورَةِ، وَلَو كَانَ الْحَاصِل بالتواتر علما ضَرُورِيًّا لما اخْتلفَا فِي الْجَزْم، لِأَن الِاخْتِلَاف فِيهِ لتطرق احْتِمَال النقيض وَهُوَ غير مُمكن فِيهَا. ثمَّ قَوْله تشكيكهم بِكَذَا وَكَذَا مُبْتَدأ خَبره (تشكيك فِي ضَرُورَة) أَي فِي أَمر بديهي، فَلَا يسْتَحق الْجَواب (وأبعدها) أَي التشكيكات (الأول) وَهُوَ التَّشْبِيه بالِاتِّفَاقِ على أكل طَعَام وَاحِد، إِذْ سَبَب الِاخْتِلَاف فِيهِ اخْتِلَاف الأمزجة والشهوات، وَلم يتَحَقَّق مَا يُوجب الِاخْتِلَاف فِي بعض الْأَخْبَار (وَإِنَّمَا خيل) ذَلِك (فِي الْإِجْمَاع عَن) دَلِيل (ظَنِّي)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute