وَإِجْمَاع الْمُسلمين (فساقط كشروط الْيَهُود أهل الذلة) أَي وجود أهل الذلة والمسكنة فِي المخبرين (لخوفهم المواطأة) على الْكَذِب إِذا لم يكن فيهم هَؤُلَاءِ بِأَن كَانَ الْكل من الأكابر لعدم خوفهم من الْمُؤَاخَذَة على الْكَذِب لعزتهم وجاههم، وَقد يُقَال وجود الأذلة بَين المخبرين يُورث وَهنا فِي الْخَبَر لاحْتِمَال أَن يكون إخبارهم لتبعية الأكابر كَمَا هُوَ الْمُعْتَاد من حَالهم، أما سُقُوط الأول فلعدم تحقق الشَّرْط الْمُتَّفق عَلَيْهِ: وَهُوَ اسْتِوَاء الطَّرفَيْنِ وَالْوسط فِي الْعدَد (وخبرهم آحَاد الأَصْل) لأَنهم كَانُوا قليلين فِي ابْتِدَاء أَمرهم جدا، وَقد يُقَال سُقُوطه لِأَن الْمَسِيح شبه لَهُم فَقَتَلُوهُ بِنَاء على اعْتِقَادهم أَنه هُوَ كَمَا قَالَ - {وَلَكِن شبه لَهُم} - وَأما سُقُوط الثَّانِي فَلَمَّا ذكرنَا، ولحصول الْعلم بِإِخْبَار العظماء إِذا كَانَ عَددهمْ بِحَيْثُ يَسْتَحِيل تواطؤهم على الْكَذِب عَادَة فَلَا يضر بعد ذَلِك عدم وجود الأذلة (وينقسم) الْمُتَوَاتر (إِلَى مَا يُفِيد الْعلم بموضوع) صلَة الْعلم: أَي بِمَعْنى مَدْلُول عَلَيْهِ بِوَاسِطَة الْوَضع مُطَابقَة أَو تضمنا أَو التزاما (فِي أَخْبَار الْآحَاد) وَفِي بعض النّسخ الْعدَد بدل الْآحَاد، وَمثل الشَّارِح الْمَوْضُوع بالأمكنة النائية والأمم الخالية، وَلَا يظْهر وَجه التَّسْمِيَة بموضوع وَلَا يُنَاسِبه قَوْله (وَغير مَوْضُوع فِي شَيْء مِنْهَا) أَي أَخْبَار الْآحَاد (بل يعلم) هَذَا الَّذِي هُوَ غير مَوْضُوع فِي شَيْء مِنْهَا للسامع (عِنْدهَا) أَي الْأَخْبَار الْمَذْكُورَة (بِالْعَادَةِ كأخبار عَليّ) رَضِي الله عَنهُ فِي الحروب (وَعبد الله بن جَعْفَر) فِي الْعَطاء (يحصل عِنْدهَا) أَي أخبارهما (يدل على السجية) أَي الملكة النفسية: يَعْنِي الشجَاعَة والسخاء (ضمنا إِذْ لَيْسَ الْجُود جُزْء مَفْهُوم إِعْطَاء آلَاف، وَلَا الشجَاعَة جُزْء مَفْهُوم قتل آحَاد مخصوصين) لِأَن الشجَاعَة ملكة نفسانية تَقْتَضِي اعْتِدَال الْقُوَّة الغضبية (وَلَا) يدل على السجية (التزاما إِلَّا بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ) للالتزام (لجَوَاز تعقل قَائِل ألفا بِلَا خطور معنى الشجَاعَة) تَعْلِيل لنفي دلَالَة الِالْتِزَام بِالْمَعْنَى الْأَخَص، وَهُوَ كَون الدَّال بِحَيْثُ يلْزم من تعقله تعقل الْمَدْلُول، وَأما وجود دلَالَة الِالْتِزَام بِالْمَعْنَى الْأَعَمّ فَلِأَنَّهُ إِذا تصور مُقَابلَة الْألف وَمَفْهُوم الشجَاعَة وَطلب الْمُلَازمَة بَينهمَا حكم بهَا، فِي الشَّرْح العضدي إِذا كثرت الْأَخْبَار فِي الوقائع وَاخْتلفت فِيهَا لَكِن كل وَاحِد مِنْهَا يشْتَمل على معنى مُشْتَرك بَينهَا بِجِهَة التضمن أَو الِالْتِزَام حصل الْعلم بِالْقدرِ الْمُشْتَرك وَيُسمى الْمُتَوَاتر من جِهَة الْمَعْنى، وَذَلِكَ كوقائع حَاتِم فِيمَا يحْكى من عطاياه من فرس وابل وَعين وثوب فَإِنَّهَا تَتَضَمَّن جوده فَيعلم، وَإِن لم يعلم شَيْء من تِلْكَ القضايا بِعَيْنِه، وكوقائع عَليّ رَضِي الله عَنهُ فِي حروبه أَنه هدم فِي خَيْبَر كَذَا وَفعل فِي أحد كَذَا إِلَى غير ذَلِك، فَإِنَّهُ يدل بالالتزام على شجاعته وَقد تَوَاتر مِنْهُ ذَلِك وَأَن كَانَ شَيْء من تِلْكَ الوقائع لم يبلغ دَرَجَة الْقطع انْتهى. وَقَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ قَوْله فَإِنَّهَا تَتَضَمَّن جوده يُشِير إِلَى أَن الأول مِثَال للتضمن،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute