وَالثَّانِي للالتزام، أما الِالْتِزَام فَظَاهر، وَأما التضمن فَلِأَن الْجُود لما كَانَ إِفَادَة مَا يَنْبَغِي لَا لعوض كَانَ جُزْءا من كل إِعْطَاء مَخْصُوص، وَهَذَا بِالنّظرِ إِلَى الظَّاهِر، وَإِلَّا فالجود صفة فِي النَّفس هِيَ مبدأ تِلْكَ الإفادة انْتهى (فَمَا قيل) وَالْقَائِل ابْن الْحَاجِب إِذا اخْتلف الْمُتَوَاتر فِي الوقائع (الْمَعْلُوم مَا اتَّفقُوا عَلَيْهِ بتضمن أَو الْتِزَام تساهل) إِذْ قد عرفت أَنه لَيْسَ فِي الْقسم الثَّانِي تضمن وَلَا الْتِزَام، وَفِي الْقسم الأول تتَحَقَّق الدلالات الثَّلَاث، لَكِن قد يُرَاد بالالتزام الْمَعْنى الْأَعَمّ (وَأما الْآحَاد فخبر لَا يُفِيد بِنَفسِهِ الْعلم) سَوَاء لم يفد أصلا أَو يفِيدهُ بالقرائن الْمُنْفَصِلَة، فَلَا وَاسِطَة بَين الْمُتَوَاتر وَخبر الْآحَاد، وَهَذَا التَّعْرِيف لَا يتم على قَول أَحْمد: خبر الْوَاحِد يُفِيد الْعلم بِنَفسِهِ مطردا، وعَلى قَول بَعضهم يُفِيد غير مطرد وَسَيَأْتِي (وَقيل مَا يُفِيد الظَّن، وَاعْترض بِمَا لم يفده، وَدفع بِأَنَّهُ) أَي الْخَبَر الَّذِي لم يفده (لَا يُرَاد) دُخُوله فِي التَّعْرِيف لِأَنَّهُ غير دَاخل فِي الْمَحْدُود (إِذْ لَا يثبت بِهِ) أَي بِمَا لم يفده (حكم) وَالْمرَاد مَا يُفِيد الحكم وَهل هَذَا يثبت الْوَاسِطَة (وَلَيْسَ) هَذَا الدّفع بِشَيْء (إِذْ ثَبت بالضعيف) أَي بِالْحَدِيثِ الَّذِي ضعفه (بِغَيْر وضع) أَي كذب (الْفَضَائِل وَهُوَ النّدب) وَهُوَ حكم شَرْعِي، وَقد يُقَال: إِذا ثَبت النّدب لزمَه إِفَادَة الظَّن، وَالْكَلَام فِيمَا لَا يفِيدهُ فَلْيَكُن مَادَّة النَّقْض الْخَبَر الْمَوْضُوع، وَحَاصِل الدّفع تَقْيِيد الْمَحْدُود بِمَا يثبت الحكم، وَقد يُقَال ثُبُوت الْفَضَائِل بِالْحَدِيثِ الضَّعِيف لَا يسْتَلْزم إفادته الظَّن، كَيفَ وإفادة الظَّن وَظِيفَة الصَّحِيح وَالْحسن، بل ثُبُوت مندوبية الْعَمَل بالضعيف: أَي بمضمونه إِنَّمَا هُوَ لرعاية الِاحْتِمَال الْمَرْجُوح أَو الْمسَاوِي رَغْبَة فِي الطَّاعَة وَعدم الْمَانِع عَن الْعَمَل بِهِ لإباحته الْأَصْلِيَّة (وَمِنْه) أَي خبر الْآحَاد (قسم يُسمى المستفيض) وَهُوَ (مَا رَوَاهُ ثَلَاثَة فَصَاعِدا أَو مَا زَاد عَلَيْهَا) أَي الثَّلَاثَة، وَالْمرَاد مَا لم ينْتَه إِلَى التَّوَاتُر، تَركه لظُهُوره بِقَرِينَة التقابل وَغَيره. وَقَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ: أقل مَا يثبت بِهِ الاستفاضة اثْنَان. وَقَالَ السُّبْكِيّ وَالْمُخْتَار عندنَا أَن المستفيض مَا يعده النَّاس شَائِعا وَقد صدر عَن أصل (وَالْحَنَفِيَّة) قَالُوا (الْخَبَر متواتر وآحاد ومشهور وَهُوَ) أَي الْمَشْهُور (مَا كَانَ آحَاد الأَصْل متواترا فِي الْقرن الثَّانِي وَالثَّالِث فبينه) أَي الْمَشْهُور (وَبَين المستفيض عُمُوم من وَجه) لصدقهما على مَا رَوَاهُ الثَّلَاثَة فَصَاعِدا مَا لم يتواتر فِي الْقرن الأول ثمَّ تَوَاتر فِي أحد القرنين وانفراد المستفيض إِذا لم ينْتَه فِي أَحدهمَا إِلَى التَّوَاتُر وانفراد الْمَشْهُور فِيمَا رَوَاهُ وَاحِد أَو اثْنَان فِي الأَصْل ثمَّ تَوَاتر فِي الثَّانِي أَو الثَّالِث (وَهُوَ) أَي الْمَشْهُور (قسم من الْمُتَوَاتر عِنْد الْجَصَّاص) فِي جمَاعَة من الْحَنَفِيَّة (وعامتهم) أَي الْحَنَفِيَّة على أَن الْمَشْهُور (قسيم) للمتواتر (فالآحاد مَا لَيْسَ أَحدهمَا) أَي الْمُتَوَاتر وَالْمَشْهُور (والمتواتر عِنْده) أَي الْجَصَّاص (مَا أَفَادَ الْعلم بمضمون الْخَبَر ضَرُورَة أَو نظرا وَهُوَ) أَي مُفِيد الْعلم بمضمونه نظرا (الْمَشْهُور وعَلى هَذَا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute