عَلَيْهِ) أَي على الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الْعدْل (للْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ) وَلذَلِك وَجب على الْمُجْتَهد الْعَمَل بِمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده وَالْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ يسْتَلْزم الْإِجْمَاع على الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الْعدْل لِأَنَّهُ يُفِيد الظَّن (لَا لإفادته) أَي مرويهما (الْعلم بمضمونه) أَي الْخَبَر (و) الدَّلِيل السمعي) أَي لَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم، وَإِن يتبعُون إِلَّا الظَّن (مَخْصُوص بالاعتقاديات) الْمَطْلُوب فِيهَا الْيَقِين بِخِلَاف الْأَحْكَام العملية الْمَطْلُوب فِيهَا مَا يعم الظَّن وَغَيره (وَذَلِكَ الْإِجْمَاع) الْقطعِي على وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ (دَلِيل وجود الْمُخَصّص) لعُمُوم نهي اتِّبَاع الظَّن فالمخصص وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ وَدَلِيله الْإِجْمَاع الْمَذْكُور فَلم يبْق بعد التَّخْصِيص إِلَّا الاعتقاديات، وَهَذَا على غير قَول الْحَنَفِيَّة (أَو النَّاسِخ) للنَّهْي عَن الِاتِّبَاع فِي غير الاعتقاديات على قَوَاعِد الْحَنَفِيَّة، مَعْطُوف على وجود الْمُخَصّص (وَمَا قيل) من أَنه (لَا إِجْمَاع) على الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد (للْخلاف الْآتِي لَيْسَ بِشَيْء لِاتِّفَاق هذَيْن المتناظرين على نقل إِجْمَاع الصَّحَابَة فِيهِ) أَي فِي وجوب الْعَمَل بِهِ للْخلاف الْآتِي فِي الْعَمَل بِهِ (وَقَوله) أَي الطارد (ظن مَعْصُوم) أَي ظن أهل الْإِجْمَاع على قبُول مرويهما بِصِحَّتِهِ المستلزمة للقبول مَعْصُوم عَن الْخَطَأ فَتكون صِحَّته مَقْطُوعًا بهَا وَقد مر (قُلْنَا إِنَّمَا أَفَادَهُ) أَي الْإِجْمَاع على قبُول مرويهما (الْإِجْمَاع على) وجوب (الْعَمَل) بِالظَّنِّ: يَعْنِي الْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل بِالظَّنِّ صَار سَببا للْإِجْمَاع على قبُول مرويهما، لَا الظَّن الْمَعْصُوم عَن الْخَطَأ الَّذِي جعلته كَالْعلمِ: وَهُوَ لَيْسَ كَذَلِك لِأَن الْمَعْلُوم إِنَّمَا هُوَ الْمجمع عَلَيْهِ وَالصِّحَّة لَيست مجمعا عَلَيْهَا، وكل وَاحِد يجوز نقيضه، غير أَنَّهَا راجحة عِنْده وَمَعَ ذَلِك مستلزمة للقبول (وَأَيْنَ هُوَ) أَي مَا أَفَادَهُ الْإِجْمَاع الْمَذْكُور (من كَون خبر الْوَاحِد يُفِيد الْعلم فَالْحَاصِل أَن ادعيت أَن الْإِجْمَاع على الْعَمَل) بمرويهما (لإِفَادَة الْخَبَر الْعلم منعناه) أَي هَذَا الْمُدَّعِي (وَهُوَ) أَي هَذَا الْمُدَّعِي (أول المسئلة) فَهُوَ مصادرة على الْمَطْلُوب (أَو) ادعيت (أَنه) أَي الْإِجْمَاع على الْعَمَل بمرويهما (أَفَادَ أَن هَذَا الْخَبَر الْمعِين الَّذِي أجمع على الْعَمَل بِهِ حق قطعا) مَعْصُوم بِمَعْنى أَنه لَا خطأ فِي مضمونه (أمكن بِتَسْلِيمِهِ) لم يقل مُسلم لبعد هَذَا المُرَاد من عبارَة الطارد وَإِطْلَاق مرويهما (وَلَا يُفِيد) الْمَطْلُوب (إِذْ الأول) أَي كَونه مُفِيدا للْعلم (هُوَ الْمُدَّعِي، لَا الثَّانِي) وَهُوَ كَون الْمَضْمُون الْخَبَر الْمعِين مَقْطُوعًا بِهِ لكَونه مجمعا عَلَيْهِ (و) حِينَئِذٍ كل خبر وَاحِد عدل مجمع على الْعَمَل بِهِ حكمه كَذَا (سَوَاء كَانَ مِنْهُمَا) أَي الصَّحِيحَيْنِ (أَو لَا يكون) مِنْهُمَا (وَقد يكون) خبر الْوَاحِد (مِنْهُمَا) أَي الصَّحِيحَيْنِ (وَلَا يجمع عَلَيْهِ) أَي على وجوب الْعَمَل بِمُقْتَضَاهُ لتكلم بعض النقاد فِيهِ كالدارقطني، قيل وَجُمْلَة مَا استدركه الدَّارَقُطْنِيّ وَغَيره على البُخَارِيّ مائَة وَعشرَة أَحَادِيث وَافقه مُسلم على إِخْرَاج اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ حَدِيثا مِنْهَا (فالضابط مَا أجمع على الْعَمَل بِهِ) لَا مرويهما بِخُصُوصِهِ (وَهُوَ) الضَّابِط الْمَذْكُور
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute