كل خبر كَذَا يُوجِبهُ (لما نذْكر) من تَجْوِيز ثُبُوت نقيضه بِأَن يرجِعوا فيقولوا لم يمت، وَإِنَّمَا سكن وَبرد فَظن مَوته (فبايجابه) أَي الْخَبَر الْمَذْكُور الْعلم (يعلم أَنه) أَي الْخَبَر الْمُوجب (ذَلِك) الْخَبَر الْمُفِيد للْعلم بالقرائن، وَلَا يخفى أَن الْعلم بإيجابه للْعلم إِنَّمَا يتَحَقَّق بِمَجْمُوع أحد أَمريْن: أَحدهمَا عدم احْتِمَال النقيض، وَالثَّانِي مطابقته للْوَاقِع وَالْعلم بالمطابقة بالحس أَو الْبُرْهَان أَو خبر الْمخبر الصَّادِق (كَمَا فِي) الْخَبَر (الْمُتَوَاتر يعرفهُ) أَي كَونه متواترا (أَثَره) أَي ثُبُوت أَثَره: وَهُوَ (الْعلم وَحِينَئِذٍ نمْنَع إِمْكَان مثله) أَي إِيجَاب الْعلم بِخَبَر وَاحِد آخر عدل مخبر (بالنقيض الآخر) مقرون بقرائن مثل تِلْكَ الْقَرَائِن فَإِنَّهُ محَال عَادَة (إِلَّا لَو وَقع) أَي لَكَانَ لَو وَقع، وَالتَّعْبِير بلو للإشعار بِعَدَمِ وجوده (فِي الْأَحْكَام الشَّرْعِيَّة) جَوَاب لَو مَحْذُوف أَي جوزناه، يدل عَلَيْهِ قَوْله (فَيجوز لعدم حَقِيقَة التَّعَارُض) فِيهَا (للُزُوم اخْتِلَاف الزَّمَان) فِيهَا (فأحدهما مَنْسُوخ) وَالْآخر نَاسخ لَهُ، وعَلى هَذَا القَوْل بِأَن النّسخ يجْرِي فِي الْأَخْبَار وَالْجُمْهُور على خِلَافه، فعلى هَذَا لَا يَصح إِلَّا على التَّأْوِيل كَأَن يكون الْمَنْسُوخ مُتَعَلق الْخَبَر لَا نَفسه (ويلتزم التأثيم) للمخالف للْخَبَر والمقرون بالقرائن بِالِاجْتِهَادِ (لَو وَقع فِيهَا بِخِلَافِهِ) أَي التأثيم (بِخَبَر الْوَاحِد) الْمُجَرّد عَن تِلْكَ الْقَرَائِن فَإِنَّهُ لَا يلْتَزم فِيهِ (للْقطع بِجَوَاز إِخْبَار اثْنَيْنِ بنقيضين، بل) الْقطع (بِوُقُوعِهِ) إِنَّمَا جمع بَين القطعين مَعَ أَن الثَّانِي يُغني عَن الأول لِأَنَّهُ يستلزمه إِشَارَة إِلَى أَنه لَا مَانع عَنهُ من حَيْثُ الْعقل وتقرره الْوَاقِع فِي الْوَاقِع (فَعلم بِهِ) أَي بإخبارهما بالنقيضين (أَنه) أَي خبر الْوَاحِد (لَا يفِيدهُ) أَي الْعلم، إِذْ لَو أَفَادَهُ لأفاد كِلَاهُمَا فَلَزِمَ تحقق معلوميهما فِي الْوَاقِع (وَمَا قيل مثله) أَي مثل مَا ذكر من جَوَاز إِخْبَار اثْنَيْنِ بنقيضين (يَقع فِيمَا ذكر من إِخْبَار الْملك) من موت ابْنه بِأَن يُخبرهُ مخبر بِمَوْتِهِ مَعَ الْقَرَائِن ثمَّ يُخبرهُ آخر بِأَنَّهُ لم يمت، وَإِنَّمَا اشْتبهَ على الْمخبر والحاضرين وَقَامَت الْقَرَائِن على ذَلِك (يرد بِأَن ذَلِك) أَن جَوَاز إِخْبَار اثْنَيْنِ بِمَا ذكر (عِنْد عدم إفادته) أَي الْخَبَر الأول الْعلم (الأول) وَهُوَ الْعلم بِالْمَوْتِ وَالْفَرْض أَنه أَفَادَ، وَذَلِكَ لِأَن الْمُطَابقَة للْوَاقِع مُعْتَبرَة فِي الْعلم فَلَا يرد النَّقْض على الْمُخْتَار فِي إِلْزَام اجْتِمَاع النقيضين بقَوْلهمْ يَقع فِيمَا ذكر إِلَى آخِره (و) قَالَ (الطارد) أَي الَّذِي يَقُول بِأَن خبر الْوَاحِد الْعدْل يُفِيد الْعلم مطردا، وَقد مر أَنه مَرْوِيّ عَن أَحْمد (فِي مرويهما) أَي الشَّيْخَيْنِ البُخَارِيّ وَمُسلم أَو صَحِيحَيْهِمَا، والإضمار من غير سبق الذّكر لسبقهما إِلَى الذِّهْن عِنْد ذكر أَخْبَار الْآحَاد الْعُدُول، ومقول القَوْل (لَو أَفَادَ) مرويهما الظَّن لَا الْعلم (لم يجمع) أَي لما وَقع الْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل (بِهِ) أَي بمرويهما، لكنه أجمع عَلَيْهِ (أما الْمُلَازمَة فللنهي عَن اتِّبَاعه) أَي الظَّن تَحْرِيمًا، يدل عَلَيْهِ قَوْله (والذم عَلَيْهِ) أَي على اتِّبَاعه. قَالَ تَعَالَى - {(وَلَا تقف} مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم (إِن يتبعُون إِلَّا الظَّن)} - فِي معرض الذَّم، فَدلَّ على التَّحْرِيم إِذْ لَا يذم على ترك الْمَنْدُوب. (وَالْجَوَاب) عَن هَذَا أَن يُقَال (الْإِجْمَاع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute