للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَيجب قبُول خَبره (كَانَ) النَّص الْمَذْكُور (ظَاهرا) فِي الْمَطْلُوب لَا نصا (وَلَا يثبتون بِهِ) أَي الأصوليون بِالظَّاهِرِ (أصلا دينيا وَإِن كَانَ) ذَلِك الأَصْل (وَسِيلَة عمل) أَي حكم عمل لَا عقيدة من العقائد الدِّينِيَّة، وَذَلِكَ لما قرر فِي مَحَله (قَالُوا) أَي المخالفون (توقف صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) لما انْصَرف من اثْنَيْنِ فِي إِحْدَى صَلَاتي الْعشَاء على مَا ذكره الشَّارِح (فِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ) حَيْثُ قَالَ: أقصرت الصَّلَاة أم نسيت يَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم؟ فَقَالَ أصدق ذُو الْيَدَيْنِ (حَتَّى أخبرهُ غَيره) بِأَن قَالَ نعم، فَقَامَ فصلى اثْنَتَيْنِ أُخْرَيَيْنِ مُتَّفق عَلَيْهِ (قُلْنَا) توقفه (للريبة) فِي خَبره (إِذْ لم يشاركوه) ابْتِدَاء (مَعَ استوائهم فِي السَّبَب) وَهُوَ الِاطِّلَاع على حَال الإِمَام، فانفراده بِهَذَا القَوْل فِي هَذَا الْحَال وظنه لسَهْوه (ثمَّ) وَقفه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي خَبره (لَيْسَ دَلِيلا على نفي) كَون (خبر الْوَاحِد) مُوجبا للْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد مُطلقًا: إِذْ الْخَبَر الَّذِي لم تبلغ رُوَاته حد التَّوَاتُر يُقَال لَهُ خبر الْوَاحِد اصْطِلَاحا: وَغَايَة مَا يلْزم هَهُنَا أَن الشَّخْص الْوَاحِد لَا يَكْفِي بِوُجُوب الْعَمَل، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (بل هُوَ) أَي التَّوَقُّف الْمَذْكُور دَلِيل (لموجب الِاثْنَيْنِ) أَي يَقُول بِوُجُوب اثْنَيْنِ (فِيهِ) أَي فِي الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد كَمَا عَن أبي عَليّ الجبائي لما فِي رِوَايَة من طَرِيق أَحْمد ثمَّ أقبل على أبي بكر وَعمر وَقَالَ: مَاذَا يَقُول ذُو الْيَدَيْنِ؟ قَالَا صدق يَا رَسُول الله، فَرجع رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وثاب النَّاس فصلى بهم رَكْعَتَيْنِ ثمَّ سلم فَسجدَ سَجْدَتي السَّهْو، وَتعين أَن يكون هَذَا قبل تَحْرِيم الْكَلَام فِي الصَّلَاة فَتَأمل (وَإِلَّا) أَي لم يكن كَذَلِك وَجعل دَلِيلا على نَفْيه (فمعهما) أَي الِاثْنَيْنِ (لَا يخرج) الْخَبَر لذى رَوَاهُ الْوَاحِد (عَن) مَفْهُوم (خبر الْوَاحِد، وَكَونه) أَي خبر ذِي الْيَدَيْنِ (لَيْسَ فِي مَحل النزاع) لِأَنَّهُ فِي وجوب عمل الْمُجْتَهد بِخَبَر الْوَاحِد عَن الرَّسُول (لَا يضر: إِذْ يستلزمه) أَي خَبره مَحل النزاع، لِأَنَّهُ خبر وَاحِد عدل عَن فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم نقل إِلَى سيد الْمُجْتَهد فَلم يعْمل بِهِ غير أَنه اتّفق أَن الْمَنْقُول عَنهُ هُوَ الْمَنْقُول إِلَيْهِ وَذَلِكَ لَا أثر لَهُ، كَذَا ذكر الشَّارِح.

وَأَنت خَبِير بِأَن مَحل النزاع وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد على الْمُجْتَهد وَغَيره، وَأَن الْمخبر بِهِ فِيهِ حكم من الْأَحْكَام العملية، والمخبر بِهِ فِي خبر ذِي الْيَدَيْنِ عدم إتْمَام الصَّلَاة وَالْوَجْه أَن يُقَال: سلمنَا أَنه لَيْسَ فِي مَحل النزاع، لَكِن مورده يُشَارك مَحل النزاع فِي وجوب قبُول قَوْله لِأَن علته الْعَدَالَة مَعَ كَون الْمخبر بِهِ من الْأُمُور الدِّينِيَّة وَالله أعلم (قَالُوا: قَالَ الله تَعَالَى وَلَا تقف) الْآيَة: أَي مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم فَنهى عَن اتِّبَاع الظَّن، وَأَنه يُنَافِي الْوُجُوب، وَخبر الْوَاحِد لَا يُفِيد إِلَّا الظَّن (وَالْجَوَاب) أَن وجوب الْعَمَل بِخَبَر الْوَاحِد الْمُفِيد للظن لَيْسَ بِهِ من حَيْثُ إفادته الظَّن فَقَط، بل (بِمَا ظهر) وَتبين غير مرّة (من أَنه) يجب الْعَمَل

<<  <  ج: ص:  >  >>