صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ " بعثت بجوامع الْكَلم ". وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ
" وَبَلغنِي أَن جَوَامِع الْكَلم أَن الله عز وَجل يجمع الْأُمُور الْكَثِيرَة الَّتِي كَانَت تكْتب فِي الْكتب قبله فِي الْأَمر الْوَاحِد أَو الْأَمريْنِ أَو نَحْو ذَلِك ". وَقَالَ الْخطابِيّ إيجاز الْكَلَام فِي إشباع للمعاني يَقُول: الْكَلِمَة القليلة الْحُرُوف، فينتظم الْكثير من الْمَعْنى ويتضمن أنواعا من الْأَحْكَام (كالخراج بِالضَّمَانِ) حَدِيث حسن رَوَاهُ أَصْحَاب السّنَن وَتقدم مَعْنَاهُ (والعجماء جَبَّار) مُتَّفق عَلَيْهِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: والعجماء الْمُتَقَدّمَة الَّتِي لَا يكون مَعهَا أحد. وَقَالَ ابْن مَاجَه: الْجَبَّار الهدر الَّذِي لَا يغرم فَقَالَ بَعضهم: يجوز للْعَالم بطرق الِاجْتِهَاد إِذا كَانَت الْجَوَامِع ظَاهِرَة الْمَعْنى، وَذهب فَخر الْإِسْلَام والسرخسي إِلَى الْمَنْع لإحاطة الْجَوَامِع بمعان قد تقصر عَنْهَا عقول ذَوي الْأَلْبَاب (فالرازي مِنْهُم) أَي الْحَنَفِيَّة (وَابْن سِيرِين) فِي جمَاعَة (على الْمَنْع مُطلقًا). قَالَ الشَّارِح: أَي سَوَاء كَانَ من الْمُحكم أَولا، كَذَا ذكره غير وَاحِد: وَفِيه بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرَّازِيّ نظر، فَإِن لَفظه قد حكينا عَن الشّعبِيّ وَالْحسن أَنَّهُمَا كَانَا يحدثان بالمعاني، وَكَانَ غَيرهمَا يحدث بِاللَّفْظِ، والأحوط عندنَا أَدَاء اللَّفْظ وسياقته على وَجهه دون الِاقْتِصَار على الْمَعْنى سَوَاء كَانَ مِمَّا لَا يحْتَمل التَّأْوِيل أَولا إِلَّا أَن يكون الرَّاوِي مثل الْحسن وَالشعْبِيّ فِي إتقانهما للمعاني وَصرف الْعبارَات إِلَى مَعْنَاهَا فقها غير فاضلة عَنْهَا وَلَا مقصرة، وَهَذَا عندنَا إِنَّمَا كَانَا يفعلانه فِي اللَّفْظ الَّذِي لَا يحْتَمل التَّأْوِيل وَيكون للمعنى عِبَارَات مُخْتَلفَة، فيعبران تَارَة بِعِبَارَة، وَتارَة بغَيْرهَا: فَأَما مَا يحْتَمل التَّأْوِيل من الْأَلْفَاظ فَإنَّا لَا نظن بهما أَنَّهُمَا كَانَا يغيرانه إِلَى لفظ غَيره مَعَ احْتِمَاله لِمَعْنى غير معنى لفظ الأَصْل، وَأكْثر فَسَاد أَخْبَار الْآحَاد وتناقضها واستحالتها من هَذَا الْوَجْه، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ قد كَانَ مِنْهُم من يسمع اللَّفْظ الْمُحْتَمل للمعاني فيعبر عَنهُ بِلَفْظ غَيره، وَلَا يحْتَمل إِلَّا معنى وَاحِدًا على أَنه هُوَ الْمَعْنى عِنْده فيفسده انْتهى وَلَا يخفى أَنه لَيْسَ بِصَرِيح فِي خلاف مَا نَقله المُصَنّف، وَيجوز أَن يكون لَهُ نقل آخر عَنهُ أصرح من هَذَا فِيمَا نقل عَنهُ (لنا) فِيمَا عَلَيْهِ الْجُمْهُور (الْعلم بنقلهم) أَي الصَّحَابَة (أَحَادِيث بِأَلْفَاظ مُخْتَلفَة فِي وقائع متحدة) كَمَا يحاط بهَا علما فِي دواوين السّنة (وَلَا مُنكر) لوُقُوع ذَلِك مِنْهُم (وَمَا عَن ابْن مَسْعُود وَغَيره قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم كَذَا أَو نَحوه أَو قَرِيبا مِنْهُ) عَن عَمْرو بن مَيْمُون قَالَ: كنت لَا تفوتني عَشِيَّة خَمِيس إِلَّا آتِي عبد الله بن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ فَمَا سمعته يَقُول لشَيْء قطّ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم حَتَّى كَانَت ذَات عَشِيَّة، فَقَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاغرورقت عَيناهُ، وَانْتَفَخَتْ أوداجه، ثمَّ قَالَ: أَو مثله أَو نَحوه أَو شَبيه بِهِ، قَالَ فَأَنا رَأَيْته وَإِزَاره محلولة مَوْقُوف صَحِيح. أخرجه أَحْمد وَابْن مَاجَه وَغَيرهمَا. وَعَن أبي الدَّرْدَاء رَضِي الله عَنهُ أَنه كَانَ إِذا حدث عَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ نَحوه أَو شبهه. أخرجه
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute