الدَّارمِيّ وَهُوَ مَوْقُوف مُنْقَطع رِجَاله ثِقَات (وَلَا مُنكر) على قَائِله (فَكَانَ) وُقُوع ذَلِك مِنْهُم من غير نَكِير من أحدهم (إِجْمَاعًا) على جَوَاز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى (و) لنا أَيْضا (بَعثه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (الرُّسُل) إِلَى النواحي بتبليغ الشَّرَائِع (بِلَا إِلْزَام) خُصُوص (لفظ) إِذْ لَو لم تجز الرِّوَايَة بِالْمَعْنَى كَانَ يلْزمه وَلَو لزم لنقل إِلَيْنَا (و) لنا أَيْضا (مَا روى الْخَطِيب) فِي كتاب الْكِفَايَة فِي معرفَة أصُول عليم الرِّوَايَة عَن يَعْقُوب بن عبد الله بن سُلَيْمَان اللَّيْثِيّ عَن أَبِيه عَن جده أَتَيْنَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقُلْنَا بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتنَا أَنا لنسمع مِنْك وَلَا نقدر على تأديته كَمَا سمعناه مِنْك، قَالَ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
" إِذا لم تحلوا حَرَامًا أَو تحرموا حَلَالا وأصبتم الْمَعْنى فَلَا بَأْس " انْتهى. وَقَالَ الْحَافِظ الْعِرَاقِيّ: رَوَاهُ ابْن مَنْدَه من حَدِيث عبد الله بن سُلَيْمَان قَالَ: قلت يَا رَسُول الله الحَدِيث، وَزَاد فِي آخِره فَذكر ذَلِك لِلْحسنِ، فَقَالَ لَوْلَا هَذَا مَا حَدثنَا انْتهى، وَغَايَة مَا ذكر فِيهِ أَنه يَنْتَهِي إِلَى عبد الله وَهُوَ تَابِعِيّ على الصَّحِيح لَيْسَ لَهُ صُحْبَة، والإرسال غير ضائر فِي الْإِسْنَاد من الثِّقَة بل هِيَ مِنْهُ زِيَادَة مَقْبُولَة (وَأما الِاسْتِدْلَال) لِلْجُمْهُورِ (بتفسيره) أَي بِالْإِجْمَاع على جَوَاز الحَدِيث (بالعجمية) فَإِنَّهُ إِذا جَازَ تَفْسِيره بهَا فَلِأَن يجوز بِالْعَرَبِيَّةِ أولى (فَمَعَ الْفَارِق) أَي قِيَاس مَعَ الْفَارِق (إِذْ لولاه) أَي تَفْسِيره بالعجمية (امْتنع معرفَة الْأَحْكَام للجم الْغَفِير) لِأَن العجمي لَا يفهم الْعَرَبِيّ إِلَّا بالتفسير: وَكَذَا يجوز تَفْسِير الْقُرْآن بِجَمِيعِ الألسن (و) لَا يجوز نَقله بِالْمَعْنَى بالِاتِّفَاقِ (أَيْضا) من الْأَدِلَّة (على تجويزه الْعلم بِأَن الْمَقْصُود الْمَعْنى) لِأَن الحكم يثبت بِهِ لَا بِاللَّفْظِ من حَيْثُ هُوَ (وَهُوَ) أَي الْمَعْنى (حَاصِل) فَلَا يضر اخْتِلَاف اللَّفْظ (وَأما اسْتثِْنَاء فَخر الْإِسْلَام) السَّابِق (لِأَنَّهُ) أَي النَّقْل بِالْمَعْنَى للمشترك وَنَحْوه (تَأْوِيله) أَي الرَّاوِي لهَذِهِ الرِّوَايَة الْأَقْسَام (وَلَيْسَ) تَأْوِيله (حجَّة على غَيره كقياسه) أَي كَمَا أَن قِيَاسه لَيْسَ حجَّة على غَيره (بِخِلَاف الْمُحكم) فَإِن النَّقْل فِيهِ بِالْمَعْنَى لَا يُفْضِي إِلَى الْغَلَط (والمحتمل للخصوص) أَي وَنقل الْفَقِيه الْعَالم الْمُحْتَمل للخصوص بِالْمَعْنَى على الْوَجْه الَّذِي يُسْتَفَاد مِنْهُ الْخُصُوص (مَحْمُول على سَمَاعه الْمُخَصّص كعمله) أَي الرَّاوِي فِي الْمُفَسّر (بِخِلَاف رِوَايَته) حَيْثُ يحمل عمله بِخِلَاف رِوَايَته (على النَّاسِخ) أَي على سَمَاعه النَّاسِخ لمرويه (وَيشكل) اسْتثِْنَاء فَخر الْإِسْلَام (بترجيح تَقْلِيده) أَي الصَّحَابِيّ فَإِنَّهُ يجْرِي فِيهِ الدَّلِيل الْمَذْكُور لاستثنائه بِأَن يُقَال مَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده إِنَّمَا هُوَ تَأْوِيله وَلَيْسَ تَأْوِيله حجَّة على غَيره (فَإِن أُجِيب) بِأَنَّهُ إِنَّمَا يتَرَجَّح تَقْلِيده (بِحمْلِهِ) أَي مَا قَلّدهُ فِيهِ (على السماع فَالْجَوَاب أَنه) أَي حمله على السماع ثَابت (مَعَ إِمْكَان قِيَاسه) أَي يُمكن أَنه قَالَه قِيَاسا واجتهادا (فَكَذَا فِي نَحْو الْمُشْتَرك) من الْخَفي والمشكل إِذا حمله على بعض وجوهه يحمل على السماع مَعَ إِمْكَان تَأْوِيله (تقدم) اجْتِهَاده (بترجيح اجْتِهَاده) لمشاهدته