هَذَا التَّفْصِيل إِظْهَار مُرَاد لَا خلافًا، إِذْ الْمَذْكُور فِي الْمُخْتَار لَا يَنْبَغِي أَن يَقع فِيهِ اخْتِلَاف. وَقَالَ / فَخر الْإِسْلَام: إِذا كَانَ الرَّاوِي من الْمُجْتَهدين كالخلفاء الرَّاشِدين قدم خَبره على الْقيَاس. وَقَالَ ابْن أبان: إِن كَانَ ضابطا غير متساهل فِيمَا يرويهِ قدم خَبره على الْقيَاس وَإِلَّا فَهُوَ مَوضِع اجْتِهَاد (للْأَكْثَر) أَنه (ترك عمر الْقيَاس فِي الْجَنِين وَهُوَ) أَي الْقيَاس (عدم الْوُجُوب) للغرة على ضرب بطن امْرَأَة فِيهِ جَنِين فأسقطته مَيتا (بِخَبَر حمل بن مَالك) كَمَا سبق فِي مسئلة الْعَمَل بِخَبَر الْعدْل وَاجِب (وَقَالَ لَوْلَا هَذَا لقضينا فِيهِ برأينا). أخرج الشَّافِعِي فِي الْأُم، فَقَالَ عمر إِن كدنا أَن نقضي فِي هَذَا برأينا، وَعند أبي دَاوُد فَقَالَ الله أكبر لَو لم أسمع بِهَذَا لقضينا بِغَيْر هَذَا (فَأفَاد) عمر (أَن تَركه) فِي الرَّأْي إِنَّمَا كَانَ (للْخَبَر، و) ترك عمر الْقيَاس (فِي دِيَة الْأَصَابِع) أَيْضا (وَهُوَ) أَي الْقيَاس (تفاوتها) أَي الدِّيَة فِيهَا (لتَفَاوت مَنَافِعهَا) إِذْ مَنْفَعَة بَعْضهَا أَكثر (وخصوصه) أَي النَّفْع (أَمر آخر) يَعْنِي فِيهَا أَمْرَانِ يوجبان التَّفَاوُت وَعدم الْمُسَاوَاة فِي الدِّيَة: أكثرية مَنْفَعَة الْبَعْض، وَأَن لبعضها نفعا خَاصّا لَا يُوجد فِي غَيره (وَكَانَ رَأْيه فِي الْخِنْصر) بِكَسْر الْخَاء وَالصَّاد. وَقَالَ الْفَارِسِي: اللُّغَة الفصيحة فتح الصَّاد، وَكَذَا فِي الْقَامُوس (سِتا) من الْإِبِل (وَالَّتِي تَلِيهَا) وَهِي البنصر (تسعا) مِنْهَا (وكل من الآخرين) التَّذْكِير بِتَأْوِيل الْعُضْو، وهما الْوُسْطَى والمسبحة (عشرا) قَوْله سِتا وَمَا بعده خبر كَانَ، وَفِي الْإِبْهَام خَمْسَة عشر من الْإِبِل. قَالَ الشَّارِح: كَذَا ذكره غير وَاحِد، وَالَّذِي فِي سنَن الْبَيْهَقِيّ أَنه كَانَ يرى فِي السبابَة اثْنَي عشر، وَفِي الْوسط عشرا، وَفِي الْإِبْهَام خَمْسَة عشر. وروى الشَّافِعِي رَحمَه الله قَضَاءَهُ فِي الْإِبْهَام بذلك أَيْضا (لخَبر عَمْرو بن حزم فِي كل أصْبع عشر) من الْإِبِل (وَفِي مِيرَاث الزَّوْجَة من دِيَة زَوجهَا وَهُوَ) أَي الْقيَاس (عَدمه) أَي عدم مِيرَاثهَا مِنْهَا (إِذْ لم يملكهَا) الزَّوْج (حَيا بل) إِنَّمَا يملكهَا الْوَرَثَة (جبرا لمصيبة الْقَرَابَة، وَيُمكن حذف الْأَخير). قَالَ الشَّارِح: أَي كَون ملكهم إِيَّاهَا جبر الْمُصِيبَة الْقَرَابَة، ثمَّ فسر قَوْله (فَلَا يكون من النزاع) بعد كَون تَوْرِيث الْقَرَابَة دون الزَّوْجَة من تعَارض خبر الْوَاحِد وَالْقِيَاس، وَعلله بقوله فَإِن الْقيَاس أَن يَرث الْجَمِيع، وَهَذَا مِمَّا يقْضِي مِنْهُ الْعجب، فَإِن عدم كَونه من مَحل النزاع إِن كَانَ هَذَا بِهَذَا السَّبَب فعلى تَقْدِير عدم الْحَذف أَيْضا كَذَلِك فَالصَّوَاب أَن يُقَال: المُرَاد ترك ذكر هَذِه المسئلة بكمالها، لِأَن توريثها مَعَ الْقَرَابَة قِيَاس لجَوَاز أَن يُقَال: الدِّيَة على سَائِر مختلفاته، غَايَة الْأَمر أَنه يُمكن تَرْتِيب دَلِيل آخر مُقْتَض لعدم توريثها، وَهُوَ أَن الزَّوْج لم يملكهَا حَيا إِلَى آخِره فعلى هَذَا الْوَاقِعَة من بَاب اخْتِيَار خبر الْوَاحِد الْمُوَافق للْقِيَاس على مُجَرّد الرَّأْي لذَلِك الْمَعْنى الفقهي، لَا من بَاب تعَارض الْخَبَر وَالْقِيَاس (وَلم يُنكره) أَي ترك عمر الْقيَاس للْخَبَر (أحد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute