فَكَانَ) تَقْدِيم الْخَبَر على الْقيَاس (إِجْمَاعًا، وعورض بمخالفة ابْن عَبَّاس خبر أبي هُرَيْرَة) مَرْفُوعا (توضؤا مِمَّا مسته النَّار) وَلَو من أثوار أقط إِذْ قَالَ لَهُ ابْن عَبَّاس يَا أَبَا هُرَيْرَة أَنَتَوَضَّأُ من الدّهن، أَنَتَوَضَّأُ من الْحَمِيم؟ فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَة: يَا ابْن أخي إِذا سَمِعت حَدِيثا عَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَلَا تضرب لَهُ مثلا، رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ (وبمخالفته هُوَ) أَي ابْن عَبَّاس (وَعَائِشَة خَبره) أَي أبي هُرَيْرَة الْمُتَّفق عَلَيْهِ (فِي المستيقظ) وَهُوَ قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم " إِذا اسْتَيْقَظَ أحدكُم من نَومه فليغسل يَده قبل أَن يدخلهَا فِي وضوئِهِ فَإِن أحدكُم لَا يدْرِي أَيْن باتت يَده ". (وَقَالا) أَي ابْن عَبَّاس وَعَائِشَة (كَيفَ نصْنَع بالمهراس) وَهُوَ حجر منقور مستطيل عَظِيم كالحوض لَا يقدر أحد على تحريكه، ذكره ابْن عبيد عَن الْأَصْمَعِي: أَي إِذا كَانَ فِيهِ مَاء وَلم تدخل فِيهِ الْيَد فَكيف نَتَوَضَّأ مِنْهُ (وَلم يُنكر) إنكارهما (فَكَانَ) الْعَمَل بِالْقِيَاسِ عِنْد مُعَارضَة خبر الْوَاحِد لَهُ (إِجْمَاعًا قُلْنَا ذَلِك) أَي الْمُخَالفَة الْمَذْكُورَة (للاستبعاد لخصوصه) أَي الْمَرْوِيّ (لظُهُور خِلَافه) أَي الْمَرْوِيّ، روى الشَّارِح عَن بعض الْحفاظ أَن مَا روى عَن عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا وَابْن عَبَّاس لَا وجود لَهُ فِي شَيْء من كتب الحَدِيث. وَإِنَّمَا الَّذِي قَالَ هَذَا لأبي هُرَيْرَة رجل يُقَال لَهُ: قين الْأَشْجَعِيّ، وَقيل إِنَّه صَحَابِيّ وَعَن بعض الْحفاظ نفى صحبته، وَقيل الْقَائِل بعض أَصْحَاب عبد الله بن مَسْعُود (وَلَيْسَ) هَذَا الْخلاف (من مَحل النزاع) أَي مُعَارضَة الْقيَاس بِخَبَر الْوَاحِد (لَا) أَنه مِنْهُ (لتَركه) أَي خبر الْوَاحِد (بِالْقِيَاسِ) إِذْ لَا قِيَاس يَقْتَضِي عدم وجوب غسل الْيَد قبل الإدخال فِي الْإِنَاء (وَلَهُم) أَي الْأَكْثَر أَيْضا (تَقْرِيره صلى الله عَلَيْهِ وَسلم معَاذًا حِين أخر الْقيَاس) عَن الْكتاب وَالسّنة الَّتِي مِنْهَا أَخْبَار الْآحَاد حِين بَعثه إِلَى الْيمن قَاضِيا فَسَأَلَهُ بِمَ تحكم؟ وَقد سبق (وَأَيْضًا لَو قدم الْقيَاس لقدم الأضعف، وبطلانه إِجْمَاع: أما الْمُلَازمَة فلتعدد احتمالات الْخَطَأ بِتَعَدُّد الِاجْتِهَاد) وَضعف الظَّن بِتَعَدُّد الِاحْتِمَالَات (ومحاله) أَي الِاجْتِهَاد (فِيهِ) أَي الْقيَاس (أَكثر) من محاله فِي الْخَبَر (فالظن) فِي الْقيَاس حِينَئِذٍ (أَضْعَف) مِنْهُ فِي الْخَبَر، إِذْ محَال الِاجْتِهَاد فِي الْقيَاس سنة (حكم الأَصْل) أَي ثُبُوته (وَكَونه) أَي حكم الأَصْل (مُعَللا) بعلة مَا، وَلَيْسَ من الْأَحْكَام التعبدية (وَتَعْيِين الْوَصْف) الَّذِي هُوَ الْعلَّة (للعلية، ووجوده) أَي ذَلِك الْوَصْف (فِي الْفَرْع وَنفي الْمعَارض) للوصف من انْتِفَاء شَرط أَو وجود مَانع (فيهمَا) أَي فِي الأَصْل وَالْفرع (وَفِي الْخَبَر) مَحل الِاجْتِهَاد (فِي الْعَدَالَة) للراوي (وَالدّلَالَة) لمتنه على الحكم (وَأما احْتِمَال كفر الرَّاوِي وَكذبه وخطئه) لعدم عصمته عَنْهَا (وَاحْتِمَال الْمَتْن الْمجَاز) وَمَا فِي حكمه من الْإِضْمَار والاشتراك والتخصيص (فَمن الْبعد) بِحَيْثُ (لَا يحْتَاج إِلَى اجْتِهَاد فِي نَفْيه وَلَو) احْتِيجَ فِي الْمَذْكُورَات إِلَى الِاجْتِهَاد
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute