فِي أَن الْأمة مثله فِيمَا عرف صفته (أَن الصَّحَابَة كَانُوا يرجعُونَ إِلَى فعله احتجاجا واقتداء أَي رُجُوع احتجاج فِي مقَام الِاقْتِدَاء فَيَقُولُونَ نَفْعل هَذَا لِأَنَّهُ فعله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وكما شاركوه فِي أصل الْفِعْل شاركوه فِي كيفيته (كتقبيل الْحجر فَقَالَ عمر: لَوْلَا أَنِّي رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم يقبلك مَا قبلتك) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ (وَلم يُنكر) على عمر ذَلِك (وتقبيل الزَّوْجَة صَائِما) كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيرهمَا (وَكثير) خُصُوصا فِي الْعِبَادَات (وَأَيْضًا لقد كَانَ لكم فِي رَسُول الله أُسْوَة حَسَنَة والتأسي) للْغَيْر (فعل مثله) أَي يقبل مثل مَا فعله ذَلِك الْغَيْر (على وَجهه) بِأَن يكون مشاركا لَهُ فِي الصّفة كالوجوب وَالنَّدْب وَمَا بَينهمَا إِلَى غير ذَلِك مِمَّا هُوَ مقصد فِي ذَلِك التأسي، ثمَّ احْتَرز بقوله (لأَجله) عَمَّا هُوَ مثله لَكِن لَيْسَ فِي قصد فَاعله أَن يكون مثله تَابعا لفعل ذَلِك الْغَيْر مَبْنِيا على الِاقْتِدَاء بِهِ (وَمثله) أَي مثل قَوْله تَعَالَى - {لقد كَانَ لكم} - الْآيَة فِي الدّلَالَة على الْمَطْلُوب قَوْله تَعَالَى - {قل إِن كُنْتُم تحبون الله فَاتبعُوني يحببكم الله} - فَإِن الْمُتَابَعَة للْغَيْر أَن يفعل مثل فعله على الْوَجْه الَّذِي يَفْعَله (وَأما) قَوْله تَعَالَى - {فَلَمَّا قضى زيد مِنْهَا وطرا (زَوَّجْنَاكهَا لكيلا يكون} على الْمُؤمنِينَ حرج فِي أَزوَاج أدعيائهم} - (فبدلالة الْمَفْهُوم الْمُخَالف على اتِّحَاد حكمه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بهم) أَي مَعَ حكم الْأمة لِأَنَّهُ تَعَالَى علل تَزْوِيجه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِنَفْي الْحَرج الْكَائِن فِي تَحْرِيم زَوْجَات الأدعياء وَمَفْهُومه لَو لم يُزَوجهُ ثَبت الْحَرج على الْمُسلمين فِي ذَلِك، وَثُبُوت الْحَرج على ذَلِك التَّقْدِير إِنَّمَا يكون عِنْد اتِّحَاد حكمهم بِحكمِهِ وَلم يتحد، كَذَا ذكره الشَّارِح، فحاصل كَلَام المُصَنّف حِينَئِذٍ عدم دلَالَة الْآيَة على الْمَطْلُوب، وَالَّذِي يفهم من كَلَامه دلَالَته عَلَيْهِ لَكِن بطرِيق الْفَهم عِنْد من يَقُول بِهِ وَلَو صَحَّ قَوْله وَلم يتحد لما صَحَّ الدَّلِيل وَهُوَ ظَاهر: بل نقُول بِاعْتِبَار الْمَفْهُوم الْمُخَالف فِي خُصُوص هَذِه الْآيَة عِنْد الْكل وإلالم يَصح التَّعْلِيل (وَمَا جهل وَصفه) بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَفِيهِ مَذَاهِب (فَأَبُو الْيُسْر) قَالَ (أَن) كَانَ ذَلِك الْفِعْل (مُعَاملَة فالإباحة) بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وإلينا (إِجْمَاع وَالْخلاف) إِنَّمَا هُوَ (فِي الْقرب فمالك) أَي فمذهبه (شُمُول الْوُجُوب) لَهُ وَلنَا (كَذَا نَقله بَعضهم) أَي الْأُصُولِيِّينَ (متعرضا للْفِعْل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم) قَوْله متعرضا حَال من فَاعل نَقله، وَفِي الْكَلَام تدافع، لِأَن قَوْله كَذَا يدل على أَن منقوله مثل مَا ذكر وَمَا ذكر شُمُول إِلَّا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى الْأمة، وَقَوله متعرضا يدل على اخْتِصَاص مَا ذكر من الْإِبَاحَة وَالْوُجُوب بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم للفهم إِلَّا أَن يكون مُرَاده بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَإِلَى الْأمة أَيْضا (كَقَوْل الْكَرْخِي مُبَاح فِي حَقه) أَي كَمَا أَن فِي قَول الْكَرْخِي تعرضا بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ وَالْأمة (للتيقن) أَي لتيقن الْإِبَاحَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ (وَلَيْسَ لنا اتِّبَاعه) إِلَّا بِدَلِيل (وَقَول الْجَصَّاص وفخر الْإِسْلَام وشمس الْأَئِمَّة وَالْقَاضِي أبي زيد الْإِبَاحَة فِي حَقه، وَلنَا اتِّبَاعه) مَا لم يقم دَلِيل على الْخُصُوص (وَالْقَوْلَان) للكرخي والجصاص (يعكران نقل أبي الْيُسْر)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute