الْإِجْمَاع على الْإِبَاحَة فِي الْمُعَامَلَة لِأَن تَخْصِيص الْكَرْخِي الْإِبَاحَة بِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي مُطلق الْفِعْل مُعَاملَة كَانَ أَو قربَة، والجصاص يَقُول: يجوز الِاتِّبَاع فِي الْكل، فقد تحقق فِي حق الْمُعَامَلَة قَولَانِ مُخْتَلِفَانِ وَهُوَ يُنَافِي دَعْوَى الْإِجْمَاع (وَخص الْمُحَقِّقُونَ الْخلاف بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْأمة فالوجوب) وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى ابْن سُرَيج وَغَيره، وَفِي القواطع إِلَى مَالك والكرخي وَطَائِفَة من الْمُتَكَلِّمين وَبَعض أَصْحَاب الشَّافِعِي (وَالنَّدْب) وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى الشَّافِعِي، وَفِي القواطع إِلَى الْأَكْثَر من الْحَنَفِيَّة والمعتزلة والصيرفي والقفال (وَمَا ذكرنَا) أَي الْإِبَاحَة: وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى مَالك، كَذَا ذكره الشَّافِعِي، وَالْأَظْهَر أَنه إِشَارَة إِلَى مَا ذكر فِي قَول الْكَرْخِي لَيْسَ لنا اتِّبَاعه، وَفِي قَول الْجَصَّاص لنا اتِّبَاعه (وَالْوَقْف) وَهُوَ معزو فِي الْمَحْصُول إِلَى الصَّيْرَفِي وَأكْثر الْمُعْتَزلَة، وَفِي القواطع إِلَى أَكثر الأشعرية، وَفِي غَيره وَالْغَزالِيّ وَالْقَاضِي أبي الطّيب، وَاخْتَارَهُ أَبُو الطّيب، وَاخْتَارَهُ الإِمَام الرَّازِيّ (ومختار الْآمِدِيّ) وَابْن الْحَاجِب أَنه (إِن ظهر قصد الْقرْبَة فالندب وَإِلَّا فالإباحة وَيجب) أَن يكون هَذَا القَوْل (قيد القَوْل الْإِبَاحَة للْأمة) إِن لم يقل أحد بِأَن مَا هُوَ من الْقرب عمله مُبَاح من غير ندب (الْوُجُوب) أَي دَلِيله (وَمَا آتَاكُم الرَّسُول فَخُذُوهُ) أَي افعلوه وَفعله مِمَّا آتَاهُ وَالْأَمر للْوُجُوب (أُجِيب بِأَن المُرَاد مَا أَمركُم) بِهِ (بِقَرِينَة مُقَابِله وَمَا نهاكم) لتجاوب طرفِي النّظم: وَهُوَ اللَّائِق ببلاغة الْقُرْآن (قَالُوا) ثَانِيًا قَالَ الله تَعَالَى (فَاتَّبعُوهُ) وَالْأَمر للْوُجُوب (قُلْنَا هُوَ) أَي الِاتِّبَاع (فِي الْفِعْل فرع الْعلم بِصفتِهِ) أَي الْفِعْل (لِأَنَّهُ) أَي الِاتِّبَاع فِي الْفِعْل (فعله على وَجه فعله) المتبع (وَالْكَلَام فِي مجهولها) أَي الصّفة فَلَا يتَحَقَّق الِاتِّبَاع مَعَ عدم الْعلم بِصفة الْعلم فِي حَقه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَقد منع اعْتِبَار الْعلم بصلَة الْفِعْل فِي الِاتِّبَاع فِيهِ) أَي الْفِعْل، وَقيل لَا نسلم أَن الِاتِّبَاع مَوْقُوف على الْعلم بذلك بل نتبعه فِيهِ وَإِن لم يعلم صفته، (و) ذكر سَنَد هَذَا الْمَنْع (فِي عبارَة) هَكَذَا (الْإِبَاحَة) الْمُطلقَة متعينة فِي مجهولها وَهُوَ الْجَوَاز المتحقق فِي ضمن الْوُجُوب وَالنَّدْب وَالْإِبَاحَة الْمُقَابلَة لَهما (وَلنَا اتِّبَاعه) وَهُوَ مَعْلُوم من الدّين، فجهالة وصف الْفِعْل بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لَا يمْنَع اتباعنا لَهُ، فَالْأَمْر بالاتباع يجْرِي فِي مَجْهُول الْوَصْف كَمَا يجْرِي فِي معلومه وَالْأَمر للْوُجُوب. ثمَّ أضْرب عَن هَذَا الْجَواب: أَعنِي كَون الِاتِّبَاع فرع الْعلم بِصفتِهِ إِلَى مَا هُوَ التَّحْقِيق فَقَالَ (بل الْجَواب) أَن يُقَال (الْقطع بِأَنَّهُ) أَي عُمُوم الْأَمر باتباعه (مَخْصُوص) غير مَحْمُول على عُمُومه بَالغا مَا بلغ (إِذْ لَا يجب قيام وقعود وتكوير عِمَامَة) أَي تدويرها (وَمَا لَا يُحْصى) من أَفعاله الجبلية وَغَيرهمَا مِمَّا لَا بجب اتِّبَاعه فِيهِ إِجْمَاعًا (وَلَا مُخَصص معِين) حَتَّى يَنْتَهِي التَّخْصِيص إِلَى حد معِين (فأخص الْخُصُوص) أَي فَتعين حلمه على أخص الْخُصُوص (من مَعْلُوم صفة الْوُجُوب) يَعْنِي أَن صفة الْفِعْل على قسمَيْنِ مَعْلُوم ومجهول، وَالْأول قسم هُوَ أخص
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute