للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْخُصُوص نظرا إِلَى حِكْمَة مقسمة وَهُوَ هَهُنَا لُزُوم الِاتِّبَاع، إِذْ لَيْسَ لمعلول الصّفة فَرد أَحَق وَأولى بِهَذَا اللُّزُوم من الْمَوْصُوف بِالْوُجُوب وَالْحَاصِل أَنا عرفنَا أَن الِاتِّبَاع مَطْلُوب فِي الْجُمْلَة من غير تَحْدِيد من قبل الشَّارِع، وَقد علمنَا يَقِينا كَون الْوَاجِب فعله بِحَيْثُ لَا يُمكن أَن يكون خَارِجا عَن الْمَطْلُوب الْمَذْكُور وَغَيره من الْأَفْعَال قد يكون خَارِجا عَنهُ، وَفِي مثل هَذَا الطّلب الإجمالي يتَعَيَّن مَا هُوَ الْمُتَعَيّن دُخُوله فِي الحكم وَغَيره لَا يعلم دُخُوله، وَالْأَصْل عدم الدُّخُول. فمعين الْآيَة طلب اتِّبَاعه فِيمَا علم وُجُوبه وَالله أعلم (قَالُوا) ثَالِثا (لقد كَانَ) لكم (إِلَى آخرهَا) محصوله قَضِيَّة (شَرْطِيَّة مضمونها لُزُوم التأسي) وَهُوَ تَالِيهَا (للْإيمَان) وَهُوَ مقدمها، إِذْ الْمَعْنى من كَانَ يُؤمن بِاللَّه فَلهُ أُسْوَة حَسَنَة، إِذْ المُرَاد بضمير الْمُخَاطب فِي قَوْله لكم يعم كل فَرد من الْمُؤمنِينَ (ولازمها عكس نقيضها) عطف بَيَان للازمها (عدم الْإِيمَان لعدم التأسي) لِأَن نقيض الْمَلْزُوم لَازم لنقيض اللَّازِم، وَاللَّازِم اجْتِمَاع عين الْمَلْزُوم مَعَ نقيض اللَّازِم لَازِما (وَعَدَمه) أَي الْإِيمَان (حرَام، فَكَذَا) ملزومه الَّذِي هُوَ (عدم التأسي فنقيضه) أَي نقيض عدم التأسي وَهُوَ التأسي (وَاجِب وَالْجَوَاب مثله) أَي مثل جَوَاب الِاسْتِدْلَال الْمَذْكُور قبله (لِأَن التأسي كالاتباع) فِي الْمَعْنى وَفِيمَا يتَوَقَّف عَلَيْهِ من الْعلم بِوَصْف مَا فِيهِ الِاتِّبَاع (وَفِيه) من الْبَحْث (مثل مَا قبله) من منع اعْتِبَار الْعلم بِصفة الْفِعْل فِي الائتساء (وَمِنْه) أَي وَمِمَّا قبله من الْجَواب الْمُخْتَار يُؤْخَذ أَيْضا (الْجَواب الْمُخْتَار) هَهُنَا، وَهُوَ حمله على أخص الْخُصُوص (قَالُوا) رَابِعا أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خلع نَعْلَيْه) فِي الصَّلَاة (فخلعوا) أَي أَصْحَابه نعَالهمْ، فَقَالَ مَا حملكم على أَن ألقيتم نعالكم؟ فَقَالُوا رَأَيْنَاك ألقيت فألقينا. قَالَ أَن جِبْرِيل أَتَانِي وَأَخْبرنِي أَن فيهمَا أَذَى. أخرجه أَحْمد وَأَبُو دَاوُد وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان (فأقرهم على استدلالهم) بِفِعْلِهِ (وَبَين سَبَب اخْتِصَاصه) أَي خلع النَّعْلَيْنِ (بِهِ) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لما ذكر (إِذْ ذَاك) أَي إِذْ فعل ذَاك الْفِعْل (قُلْنَا: دليلهم) على الْوُجُوب قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صلوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي) أُصَلِّي (لَا فعله أَو فهمهم الْقرْبَة) من الْخلْع وَإِلَّا لحرم (أَو) كره فرأوه (مَنْدُوبًا) لَا وَاجِبا (قَالُوا) خَامِسًا (أَمرهم) أَي النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَصْحَابه (بِالْفَسْخِ) أَي فسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة (فتوقفوا) عَن الْفَسْخ (لعدم فَسخه) فَعلم أَنهم كَانُوا يرَوْنَ اتِّبَاعه وَاجِبا (فَلم يُنكره) أَي توقفهم (وَبَين مَانِعا يَخُصُّهُ) من النّسخ (وَهُوَ) أَي الْمَانِع (سوق الْهدى كَذَا ذكره) فِي الصَّحِيحَيْنِ لَوْلَا أَن معي الْهَدْي لأحللت، ثمَّ اعْترض على قَوْلهم فَلم ينكروه بِمَا روى عَنهُ من الْغَضَب فَدفعهُ المُصَنّف بقوله (وَمن نظر السّنَن فَعلم أَنه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (غضب من توقفهم) أخرج مُسلم وَغَيره عَن عَائِشَة قَالَت قدم رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَرْبَع أَو خمس مضين ذِي الْحجَّة، فَدخل عَليّ وَهُوَ غَضْبَان، فَقلت من أغضبك يَا رَسُول الله؟

<<  <  ج: ص:  >  >>