للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قَالَ أشعرت أَنِّي أمرت النَّاس بِأَمْر فَإِذا هم يَتَرَدَّدُونَ، وَلَو اسْتقْبلت من أَمْرِي مَا اسْتَدْبَرت مَا سقت الْهَدْي معي حَتَّى أحل كَمَا أحلُّوا (لم يلْزم) من الْإِلْزَام: أَي لم يَجْعَل الْغَضَب لَازِما للتوقف (لعدم الْفِعْل) لِأَنَّهُ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لم يفْسخ الْحَج إِلَى الْعمرَة، يَعْنِي أَن النَّاظر للسنن لم يحكم بِأَن غَضَبه إِنَّمَا كَانَ بِسَبَب توقفهم لعدم فَسخه (بل) يحكم بِأَن غَضَبه من توقفهم إِنَّمَا كَانَ (لكَونه) أَي التَّوَقُّف (بعد الْأَمر) بِالْفَسْخِ، إِذْ بعده لَا مجَال للتوقف وَإِن لم يفْسخ الْأَمر بِنَفسِهِ (ثمَّ بَين مانعه) مَعْطُوف على مَا فهم من فحوى الْكَلَام قَالَ لكَونه أَمر ثمَّ بَين، كلمة ثمَّ للتفاوت بَين بَيَان الْمَانِع وَعَدَمه، يَعْنِي أَن مُجَرّد الْأَمر كَاف فِي إِيجَاب الْغَضَب من التَّوَقُّف، ثمَّ إِذا انْضَمَّ إِلَيْهِ بَيَان الْمَانِع الْقَاطِع لمادة الشُّبْهَة الملقية إِلَى التَّوَقُّف زَاد فِي الْإِيجَاب (وَأحسن المخارج) للْعُذْر (لَهُم) أَي الصَّحَابَة فِي عدم المسارعة إِلَى الِامْتِثَال (ظَنّه) أَي الْأَمر بِالْفَسْخِ (أَمر إِبَاحَة) حَال كَونه (رخصَة ترفيها) لَهُم وتسهيلا (وَأظْهر مِنْهُ) أَي من هَذَا الْخَبَر فِي الدّلَالَة على أَنهم كَانُوا يرَوْنَ اتِّبَاعه فِي الْفضل وَاجِبا (أمره) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (بِالْحلقِ فِي الْحُدَيْبِيَة) بِضَم الْحَاء وَفتح الدَّال، ثمَّ الْبَاء الْمُوَحدَة، ثمَّ الْيَاء مُخَفّفَة ومثقلة، وَأكْثر الْمُحدثين على التثقيل، مَوضِع مَعْرُوف من جِهَة جده بَينهَا وَبَين مَكَّة عشرَة أَمْيَال، كَذَا ذكره الشَّارِح (فَلم يَفْعَلُوا حَتَّى حلق فازدحموا) فِي صَحِيح البُخَارِيّ من حَدِيث الْمسور بن مخرمَة قَالَ قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم لأَصْحَابه: قومُوا فَانْحَرُوا ثمَّ احْلقُوا، قَالَ وَالله مَا قَامَ مِنْهُم رجل حَتَّى قَالَ ذَلِك ثَلَاث مَرَّات، فَلَمَّا لم يقم مِنْهُم أحد دخل على أم سَلمَة فَذكر لَهَا مَا لَقِي من النَّاس، فَقَالَت أم سَلمَة: يَا نَبِي الله أَتُحِبُّ ذَلِك اخْرُج ثمَّ لَا تكلم أحدا مِنْهُم كلمة حَتَّى تنحر بدنك وَتَدْعُو حالقك فيحلقك، فَخرج فَلم يكلم أحدا مِنْهُم حَتَّى فعل ذَلِك نحر بدنه ودعا حالقه فحلقه فَلَمَّا رَأَوْا ذَلِك قَامُوا ونحروا، وَجعل بَعضهم يحلق بَعْضًا حَتَّى كَاد بَعضهم يقتل بَعضهم غما انْتهى فَظهر أَن توقفهم كَانَ لعدم فعله (وَلَا يتم الْجَواب) عَن هَذَا الْخَامِس (بِأَن الْفَهم) لوُجُوب الْمُتَابَعَة إِنَّمَا نَشأ (من) قَوْله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (خُذُوا عني) مَنَاسِككُم، وَهُوَ لم يحل فَلم يحلوا (لِأَنَّهُ لم يكن) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (قَالَه بعد فِي الصُّورَتَيْنِ) صُورَة الْأَمر بِالْفَسْخِ، وَصُورَة الْأَمر بِالْحلقِ (بل) الْجَواب (مَا ذكرنَا) وَهُوَ ظنهم الْأَمر أَمر إِبَاحَة ورخصة ترفيها فَلم يَفْعَلُوا أخذا لما هُوَ الأشق حرصا مِنْهُم فِي زِيَادَة طلب الثَّوَاب (أَو بحلقه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (عرف حتمه) وَأَنه إِيجَاب (قَالُوا) سادسا (اخْتلفت الصَّحَابَة فِي وجوب الْغسْل بالإيلاج) لقدر الْحَشَفَة فِي الْفرج من غير إِنْزَال (ثمَّ اتَّفقُوا عَلَيْهِ) أَي وجوب الْغسْل بِهِ كَمَا يفِيدهُ ظَاهر حَدِيث لِأَحْمَد فِي مُسْنده (لزواية عَائِشَة فعله) فَإِنَّهَا قَالَت فعلته أَنا وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فاغتسلنا

<<  <  ج: ص:  >  >>