يجب عَلَيْهِ اتِّبَاعه (فَصَارَ) قَول الصَّحَابِيّ (كالدليل الرَّاجِح) فَإِنَّهُ إِن ظهر للمجتهد أَدِلَّة متعارضة وَكَانَ أَحدهَا راجحا بتعين الْعَمَل بِهِ (وَقد يفِيدهُ) أَي وجوب تَقْلِيد الصَّحَابِيّ أَو نَدبه (عُمُوم) قَوْله تَعَالَى - {وَالسَّابِقُونَ الْأَولونَ من الْمُهَاجِرين وَالْأَنْصَار وَالَّذين اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَان} فَإِن مدح التَّابِعين بِاعْتِبَار الِاتِّبَاع على مَا يَقْتَضِيهِ تعلق الْمَدْح بالموصوف بِهِ يُفِيد ذَلِك، إِذْ كَمَال الِاتِّبَاع بِالرُّجُوعِ إِلَى رَأْيهمْ، لِأَن الِاتِّبَاع فِيمَا يدل على الْكتاب وَالسّنة إِنَّمَا هُوَ اتِّبَاع لَهما كَمَا لَا يخفى (وَالظَّاهِر) من الْمُجْتَهد أَي من جَوَاب مسئلة الْمُجْتَهد (فِي) التَّابِعِيّ (الْمُجْتَهد فِي عصرهم) أَي الصَّحَابَة (كَابْن الْمسيب الْمَنْع) أَي منع من بعده من الْمُجْتَهدين من تَقْلِيده (لفَوَات المناط الْمسَاوِي) للمناط فِي وجوب التَّقْلِيد للصحابي وَهُوَ ترك الصُّحْبَة ومشاهدة الْأُمُور المثيرة والمقيدة لاطلاقهما، كَذَا ذكر الشَّارِح وَلَا يخفى أَن مُرَاده أَنه لَا يُقَاس من عاصر الصَّحَابِيّ على الصَّحَابِيّ لعدم الْجَامِع، لَكِن تَقْرِيره يدل على أَنه لَا بُد فِي الْفَرْع من منَاط غير منَاط الأَصْل مسَاوٍ لَهُ، وَلَيْسَ كَذَلِك بل مناطهما وَاحِد كَمَا أَن حكمهمَا وَاحِد، وَغَايَة التَّأْوِيل أَن يُقَال لما كَانَ المناط مفهوما كليا يتَحَقَّق فِي الأَصْل فِي ضمن فَرد، وَفِي الْفُرُوع فِي ضمن فَرد آخر مماثل للْأولِ سمى كل مِنْهُمَا مناطا، أَو عبر عَن مماثلتهما بالمساواة وَالله أعلم. (و) ذكر (فِي النَّوَادِر نعم كالصحابي) وَاخْتَارَهُ حَافظ الدّين النَّسَفِيّ (وَالِاسْتِدْلَال) لهَذَا (بِأَنَّهُم) أَي الصَّحَابَة (لما سوغوا لَهُ) أَي للمجتهد الْمَذْكُور الِاجْتِهَاد وزاحمهم فِي الْفَتْوَى (صَار مثلهم) فِي وجوب التَّقْلِيد أَيْضا (مَمْنُوع الْمُلَازمَة لِأَن التسويغ) لاجتهاده (لرتبة الِاجْتِهَاد) أَي لكَونه بلغ رتبته وَمن بلغَهَا لَا يجوز مَنعه (لَا يُوجب ذَلِك المناط) المثير لوُجُوب تَقْلِيد الصَّحَابِيّ، وَإِذا عرفت أَن التسويغ للِاجْتِهَاد لَا يسْتَلْزم كَونه مثل الصَّحَابِيّ (فبرد شُرَيْح) أَي فالاستدلال برد شُرَيْح (الْحسن) أَي شَهَادَته (على عَليّ) ذكر الْمَشَايِخ أَن عليا رَضِي الله عَنهُ تحاكم إِلَى شُرَيْح فَخَالف عليا فِي رد شَهَادَة الْحسن لَهُ لِلْقَرَابَةِ (وَهُوَ) أَي عَليّ (يقبل الابْن) أَي كَانَ يرى جَوَاز شَهَادَة الابْن لِأَبِيهِ (وَمُخَالفَة مَسْرُوق ابْن عَبَّاس فِي إِيجَاب مائَة من الْإِبِل فِي النّذر بِذبح الْوَلَد إِلَى) إِيجَاب (شَاة) كلمة إِلَى مُتَعَلقَة بِمَا تضمنته الْمُخَالفَة من معنى الْعُدُول والانصراف قَالُوا وَرجع ابْن عَبَّاس إِلَى قَوْله (لَا يُفِيد) الْمَطْلُوب (وَجعل شمس الْأَئِمَّة الْخلاف) فِي قَوْلنَا التَّابِعِيّ (لَيْسَ) فِي شَيْء (إِلَّا فِي أَنه هَل يعْتد بِهِ) أَي بالتابعي (فِي إِجْمَاع الصَّحَابَة فَلَا ينْعَقد) أَي إِجْمَاعهم (دونه) أَي دون اتفاقه مَعَهم (أَولا) يعْتد بِهِ (فعندنا نعم) يعْتد بِهِ، وَعند الشَّافِعِي لَا يعْتد بِهِ وَقَالَ لَا خلاف فِي أَن قَول التَّابِعِيّ لَيْسَ بِحجَّة على وَجه يتْرك بِهِ الْقيَاس.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute