قَوْله مَنعه مُبْتَدأ خَبره (تحكم) إِذْ حَقِيقَة التَّعَارُض لَا تتَصَوَّر فِي شَيْء مِنْهُمَا وَصورته تجْرِي فيهمَا على السوية (والرجحان) لأحد المتعارضين القطعيين أَو الظنيين إِنَّمَا يكون (بتابع) أَي بِوَصْف تَابع لذَلِك الرَّاجِح كَمَا فِي خبر الْوَاحِد الَّذِي يرويهِ عدل فَقِيه مَعَ خبر الْوَاحِد الَّذِي يرويهِ عدل غير فَقِيه (مَعَ التَّمَاثُل) أَي تساويهما فِي الْقطع وَالظَّن فَلَا رُجْحَان بِغَيْر التَّابِع وَبِدُون التَّمَاثُل (وَمِنْه) أَي من قبيل المتماثلين السّنة (الْمَشْهُورَة مَعَ الْكتاب حكما) أَي من حَيْثُ وجوب تَقْيِيد مطلقه وَتَخْصِيص عُمُومه وَجَوَاز نسخه بهَا وَإِن لم يكن بَينهمَا تماثل من حَيْثُ اكفار جاحده على مَا هُوَ الْحق كَمَا سلف (فَلَا يُقَال النَّص رَاجِح على الْقيَاس) لِأَن رجحانه عَلَيْهِ بِاعْتِبَار ذَاته بِكَوْنِهِ قَطْعِيا لَا بِاعْتِبَار وصف تَابع وَأَيْضًا لَا مماثلة بَينهمَا (بِخِلَاف عَارضه) أَي الْقيَاس النَّص (فَقدم) النَّص فِيهِ لِأَن المُرَاد صُورَة التَّعَارُض وَقد سبق أَنه لَا يشْتَرط تَسَاوِي المتعارضين قُوَّة (إِذْ حكمه) أَي التَّعَارُض (النّسخ إِن علم الْمُتَأَخر وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يعلم الْمُتَأَخر (ف) الحكم (التَّرْجِيح) لأَحَدهمَا على الآخر بطريقه إِن أمكن (ثمَّ الْجمع) بَينهمَا بِحَسب الْإِمْكَان إِذا لم يُمكن التَّرْجِيح لِأَن أَعمال كليهمَا فِي الْجُمْلَة أولى من إلغائهما مَعًا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يُمكن شَيْء مِمَّا ذكر (تركا) أَي المتعارضان ويصار (إِلَى مَا دونهمَا) من الْأَدِلَّة (على التَّرْتِيب إِن كَانَ) أَي وجد مَا دونهمَا فَإِن كَانَ المتروكان من الْكتاب يُصَار إِلَى الْكتاب إِن وجد، وَإِلَّا فَإلَى السّنة وَإِلَّا لم يُوجد فَإلَى قَول الصَّحَابِيّ اتِّفَاقًا إِذا لم يكن الحكم مِمَّا يدْرك بِالرَّأْيِ وَكَذَا فِيمَا يدْرك بِهِ فِي الْمُخْتَار عِنْد المُصَنّف وَغَيره ثمَّ إِلَى الْقيَاس (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يُوجد دون المتعارضين دَلِيل آخر أَو وجد وَمَعَهُ معَارض كَذَا (قررت الْأُصُول) فِي التَّلْوِيح بعد قَوْله وَإِلَّا يتْرك الْعَمَل بالدليلين، وَحِينَئِذٍ إِن أمكن الْمصير من الْكتاب إِلَى السّنة وَمِنْهَا إِلَى الْقيَاس، وَقَول الصَّحَابِيّ يُصَار إِلَيْهِ، وَألا يُقرر الحكم على مَا كَانَ عَلَيْهِ قبل وُرُود الدَّلِيلَيْنِ، وَهَذَا معنى تَقْرِير الْأُصُول انْتهى. (أما) التَّعَارُض (فِي القياسين) إِذا احْتِيجَ إِلَى الْعَمَل (فبأيهما شهد قلبه) أَي أَيهمَا أدّى تحري الْمُجْتَهد إِلَيْهِ يجب عَلَيْهِ الْعَمَل بِهِ (إِن) ظهر أَنه (لَا تَرْجِيح) لأَحَدهمَا على الآخر وَلَا يسقطان لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إِلَى الْعَمَل بِلَا دَلِيل شَرْعِي إِذْ لَا دَلِيل بعد الْقيَاس يرجع إِلَيْهِ كَذَا قَالُوا، وَيعْمل بِشَهَادَة الْقلب، لِأَن لقلب الْمُؤمن نورا يدْرك مَا هُوَ بَاطِن كَمَا أُشير إِلَيْهِ بقوله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم
" اتَّقوا فراسة الْمُؤمن فَإِنَّهُ ينظر بِنور الله " رَوَاهُ التِّرْمِذِيّ، وَقَالَ الشَّافِعِي رَحمَه الله يعْمل بِأَيِّهِمَا شَاءَ من غير تحر (وَقَول الصحابيين بعد السّنة قبل الْقيَاس كالقياسين) فِي أَنه يعْمل بِأَيِّهِمَا شَاءَ (فَلَا يصارعنهما) أَي عَن قوليهما المتعارضين (إِلَى الْقيَاس) وَهَذَا فِيمَا يُمكن فِيهِ الرَّأْي فَإِنَّهُ إِذا لم يُوجد فِيهِ مَا يرجح أحد الْقَوْلَيْنِ يعْمل بِأَيِّهِمَا شَاءَ وَلَا يُصَار إِلَى الْقيَاس لاحْتِمَال
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute