للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كَونه بِالسَّمَاعِ وَإِن كَانَ بِالرَّأْيِ فرأيهم أقرب إِلَى الصَّوَاب كَمَا عرفت، وَأَيْضًا يكون الْحَاصِل أَنهم أَجمعُوا على قَوْلَيْنِ فَلَا يجوز إِحْدَاث ثَالِث، وَأما مَا لَا يُمكن فِيهِ الرَّأْي فَهُوَ فِي حكم الْمَرْفُوع. وَلما بَين التَّرْتِيب أَرَادَ بَيَان كَيْفيَّة الْجمع بقوله (وَالْجمع فِي العامين بِحمْل كل) مِنْهُمَا (على بعض) من أفرادهما بِحَيْثُ لَا يجْتَمع حكمان فِي مَحل وَاحِد كاقتلوا الْمُشْركين إِذا أُرِيد الحربيون وَلَا تقتلُوا الْمُشْركين إِذا أُرِيد بِهِ الذميون (أَو) يحمل على (الْقَيْد) أَي على قيد غير قيد الآخر كإذا لم يَكُونُوا ذمَّة فِي الأول، وَإِذا كَانُوا ذمَّة فِي الثَّانِي (وَكَذَا) الْجمع (فِي الخاصين) يحمل كل على قيد غير قيد الآخر (أَو يحمل أَحدهمَا على الْمجَاز) وَالْآخر على الْحَقِيقَة (و) الْجمع (فِي الْعَام وَالْخَاص) إِذا تَعَارضا (وَلَا مُرَجّح للعام) على الْخَاص (كإخراج من تَحْرِيم) تَمْثِيل لمرجح الْعَام فَإِن مُقْتَضى حكم الْعَام إِذا كَانَ خُرُوج أَفْرَاده عَن التَّحْرِيم، وَمُقْتَضى الْخَاص دُخُول أَفْرَاده المندرجة تَحت الْعَام فِي التَّحْرِيم كَانَ الْعَمَل بِالْعَام مُوَافقا لما هُوَ الأَصْل فِي الْأَفْعَال: وَهُوَ الْإِبَاحَة وبالخاص مُخَالفا لَهُ (وَلَا الْخَاص) أَي وَلَا مُرَجّح لَهُ على الْعَام (كمن اباحة) أَي إِخْرَاج من إِبَاحَة: يَعْنِي فِي جَانب الْعَام ليَكُون عكس الأول، وَيحْتَمل أَن يكون معنى قَوْله. كإخراج إِخْرَاج الْخَاص من تَحْرِيم، وَمعنى قَوْله من إِبَاحَة أَيْضا إِخْرَاجه مِنْهَا فالمنظور حِينَئِذٍ تَقْدِيم الْمحرم على الْمُبِيح (فبالخاص) يَعْنِي إِذا لم يكن مُرَجّح فِي أَحدهمَا ونسلك مَسْلَك الْجمع فَالْعَمَل بالخاص (فِي مَحَله) أَي الْخَاص وَهُوَ مَا يَشْمَلهُ الْخَاص من جملَة أَفْرَاد الْعَام (وَالْعَام) أَي وَالْعَمَل بِالْعَام (فِيمَا سواهُ) أَي سوى مَحل الْخَاص (فيتحد الْحَاصِل مِنْهُ) أَي من الْجمع بَين الْعَام وَالْخَاص على هَذَا الْوَجْه (وَمن تَخْصِيص الْعَام بِهِ) أَي بالخاص (مَعَ اخْتِلَاف الِاعْتِبَار) تسميه الشَّافِعِيَّة تخيص الْعَام بالخاص بِنَاء على قاعدتهم، وَالْحَنَفِيَّة الْجمع بَينهمَا بِالْحملِ الْمَذْكُور على أصلهم، وَأما إِذا وجد مُرَجّح فِي أحد الْجَانِبَيْنِ فيرجح ذَلِك الْجَانِب (وَقد يخال) أَي يظنّ (تقدم الْجمع) بَينهمَا على التَّرْجِيح عِنْد الْحَنَفِيَّة (لقَولهم الْأَعْمَال أولى من الإهمال وَهُوَ) أَي أعمالهما (فِي الْجمع) لَا التَّرْجِيح: إِذْ فِيهِ إبِْطَال لأَحَدهمَا (لَكِن الاستقراء خِلَافه) أَي يدل على خلاف مَا يدل عَلَيْهِ ظَاهر القَوْل الْمَذْكُور أَلا ترى أَنه (قدم عَام استنزهوا) الْبَوْل (على) خَاص (شرب العرنيين أَبْوَال الْإِبِل) بِإِذْنِهِ صلى الله عَلَيْهِ وَسلم، وَقد سبق فِي مبَاحث الْعَام (لمرجح التَّحْرِيم) لشربها، لَا يُقَال كَون الأَصْل الْإِبَاحَة يرجح الْخَاص الْمَذْكُور، لِأَن ذَلِك فِيمَا لم يكن فِيهِ الدَّلِيل السمعي غير مَا فِيهِ الْمُعَارضَة قَائِما فِي جَانب الْحُرْمَة (مَعَ إِمْكَان حمله) أَي عَام استنزهوا الْبَوْل (على) مَا (سوى) بَوْل (مَا يُؤْكَل) كَمَا ذهب إِلَيْهِ مُحَمَّد وَأحمد، وللتداوي فَقَط كَمَا ذهب إِلَيْهِ أَبُو يُوسُف (و) قدم (عَام مَا سقت) أَي فِيمَا سقت السَّمَاء والعيون أَو كَانَ عثريا الْعشْر (على خَاص الأوسق) أَي لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة

<<  <  ج: ص:  >  >>