للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم خَيرهَا وَكَانَ زَوجهَا عبدا (بِالْأَصْلِ) أَي بِنَاء على أَن رقبته لم تَتَغَيَّر فَهَذَا نفي لحريته بِنَاء على مَا كَانَت عَلَيْهِ فالإخبار بحريَّته حِين إعْتَاقهَا كَمَا فِي كتب السّير بِنَاء على مَا ثَبت عِنْد المخبرين بِمَا دلّ على حدوثها بعد العبدية إِثْبَات مقدم على النَّفْي الْمَذْكُور (فَإِن) كَانَ النَّفْي (من جنس مَا يعرف بدليله عَارضه) أَي الْإِثْبَات لتساويهما حِينَئِذٍ بِاعْتِبَار مُوجب الْعلم (وَطلب التَّرْجِيح) لأَحَدهمَا بِوَجْه آخر (كالإحرام فِي حَدِيث مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا) وَهُوَ مَا فِي الْكتب السِّتَّة عَن ابْن عَبَّاس رَضِي الله عَنْهُمَا تزوج رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة وَهُوَ محرم، زَاد البُخَارِيّ وَبنى بهَا وَهُوَ حَلَال، وَفِي رِوَايَة النَّسَائِيّ تزوج نَبِي الله مَيْمُونَة وهما محرمان فَإِنَّهُ (نفي لأمر) عَارض وَهَذَا الْحَد الطَّارِئ (يدل عَلَيْهِ هَيْئَة محسوسة) من التجرد وَرفع الصَّلَوَات وَغَيرهمَا (فساوى رِوَايَة) مُسلم وَابْن مَاجَه عَن يزِيد بن الْأَصَم حَدَّثتنِي مَيْمُونَة أَن النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (تزَوجهَا وَهُوَ حَلَال) قَالَ وَكَانَت خَالَتِي وَخَالَة ابْن عَبَّاس، وَزَاد فِيهِ أَبُو يعلى بعد أَن رَجعْنَا إِلَى مَكَّة، وَرِوَايَة التِّرْمِذِيّ وَابْن خُزَيْمَة وَابْن حبَان عَن أبي رَافع " تزوج النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم مَيْمُونَة وَهُوَ حَلَال وَبنى بهَا وَهُوَ حَلَال، وَكنت الرَّسُول بَينهمَا " (وَرجح نفي ابْن عَبَّاس على) إِثْبَات (ابْن الْأَصَم وَأبي رَافع) بِقُوَّة السَّنَد وبضبط الروَاة وفقههم خُصُوصا ابْن عَبَّاس. قَالَ الزُّهْرِيّ: وَمَا يدْرِي ابْن الْأَصَم أَعْرَابِي بوال على سَاقه أنجعله مثل ابْن عَبَّاس، وَقَالَ الطَّحَاوِيّ الَّذين رووا أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم تزوج بهَا وَهُوَ محرم أهل علم وَثَبت من أَصْحَاب ابْن عَبَّاس مثل سعيد بن جُبَير وَعَطَاء وَطَاوُس وَمُجاهد وَعِكْرِمَة وَجَابِر بن زيد وَهَؤُلَاء كلهم فُقَهَاء، وَالَّذين نقلوا عَنْهُم عَمْرو بن دِينَار وَأَيوب السّخْتِيَانِيّ وَعبد الله بن أبي نجيح وَهَؤُلَاء أَئِمَّة يعْتد برأيهم (هَذَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْحل اللَّاحِق) للْإِحْرَام (وَأما على إِرَادَة) الْحل (السَّابِق) على الْإِحْرَام (كَمَا فِي بعض الرِّوَايَات) فِي موطأ مَالك عَن سُلَيْمَان بن يسَار قَالَ بعث النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أَبَا رَافع مَوْلَاهُ ورجلا من الْأَنْصَار فزوجاه مَيْمُونَة بنت الْحَارِث وَرَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بِالْمَدِينَةِ قبل أَن يخرج، وَفِي معرفَة الصَّحَابَة للمستغفري قبل أَن يحرم (فَابْن عَبَّاس مُثبت) لِلْأَمْرِ الْعَارِض وَهُوَ الْإِحْرَام (وَيزِيد) بن الْأَصَم (ناف) لَهُ (فيترجح) حَدِيث ابْن عَبَّاس (بِذَات الْمَتْن) أَي متن الحَدِيث لِأَن الْمُثبت فِي حد ذَاته يرجع على النَّافِي لاشْتِمَاله على زِيَادَة الْعلم (وَلَو عَارضه) أَي نفي يزِيد إِثْبَات ابْن عَبَّاس لكَون نَفْيه مِمَّا يعرف بدليله لِأَن حَالَة الْحل أَيْضا تعرف بِالدَّلِيلِ أَيْضا وَهِي هَيْئَة الْحَلَال (فِيمَا قُلْنَا) أَي فيرجح حَدِيث ابْن عَبَّاس بِمَا قُلْنَا من قُوَّة السَّنَد وَفقه الرَّاوِي ومزيد ضَبطه كَذَا ذكر الشَّارِح، وَلَا يخفى

<<  <  ج: ص:  >  >>