للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيرتفع التَّنَاقُض والتعارض (وَمِنْه) أَي الْجمع من قبل الحكم (توزيعه) أَي الحكم بإثباته فِي بعض مَحَله بِأحد الدَّلِيلَيْنِ ونفيه فِي بعضه بِالْآخرِ (كقسمة الْمُدَّعِي بَين المثبتين) كَمَا إِذا ادّعى رجلَانِ أَن هَذِه الدَّار ملكه كملا وَأقَام كل وَاحِد مِنْهُمَا بَيِّنَة وَلَا رُجْحَان لأَحَدهمَا على الْأُخْرَى فَإِنَّهَا حِينَئِذٍ تنصف بَينهمَا فقد أثبت الْملك لأَحَدهمَا فِي بعض الدَّار بِبَيِّنَة وَنفى ملكه عَن الْبَعْض الآخر بيينة الرجل الآخر، وَهَذَا هُوَ التَّوْزِيع فِي الحكم الَّذِي هُوَ الْملك (وَمَا قيل) أَي قيل هَذَا الْجمع وَهُوَ الْجمع فِي قِرَاءَة التَّشْدِيد وَالتَّخْفِيف (من قبل الْحَال) إِذْ حمل احداهما على حَالَة وَالْأُخْرَى على حَالَة أُخْرَى، وَعبر عَنهُ صدر الشَّرِيعَة بِالْمحل (و) قد (يكون) الْجمع بَين المتعارضين (من قبل الزَّمَان) إِمَّا (صَرِيحًا بِنَقْل التَّأَخُّر) لأَحَدهمَا عَن الآخر كَقَوْلِه تَعَالَى {وَأولَات الْأَحْمَال أَجلهنَّ أَن يَضعن حَملهنَّ}، وَقَوله تَعَالَى - {وَالَّذين يتوفون مِنْكُم ويذرون أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَة أشهر وَعشرا} - فَإِن بَينهمَا تَعَارضا فِي حق الْحَامِل الْمُتَوفَّى عَنْهَا زَوجهَا، وَجمع الْجُمْهُور بَينهمَا بِأَن أولات الْأَحْمَال الْآيَة (بعد وَالَّذين يتوفون) الْآيَة كَمَا صَحَّ عَن ابْن مَسْعُود، وَتقدم فِي الْبَحْث الْخَامِس فِي التَّخْصِيص يكون من قبل الزَّمَان (أَو حكما كالمحرم) أَي كتقديمه (على الْمُبِيح) إِذا تَعَارضا (اعْتِبَارا لَهُ) أَي الْمحرم (مُتَأَخِّرًا) عَن الْمُبِيح (كي لَا يتَكَرَّر النّسخ بِنَاء على أَصَالَة الْإِبَاحَة) فَيلْزم كَون الْمحرم الْمُقدم على الْمُبِيح نَاسِخا للْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة ومنسوخا بالمبيح الْمُتَأَخر عَنهُ بِخِلَاف الْعَكْس وَهُوَ ظَاهر، وَهَذَا مُخَالف لما سَيَأْتِي من أَن رفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة لَيْسَ بنسخ: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يتجوز بِهِ عَن تغير الحكم أَعم من أَن يكون ذَلِك الحكم إِبَاحَة أَصْلِيَّة أَو غَيرهَا، وَتقدم فِي المسئلة الثَّانِيَة من مسئلتي التنزل فِي فصل الْحَاكِم مَا فِيهِ من الْبَحْث والتحرير (وَلِأَنَّهُ) أَي تَقْدِيم الْمحرم على الْمُبِيح (الِاحْتِيَاط) إِذْ احْتِمَال ترك الْعَمَل بِمَا يَقْتَضِيهِ الْمُبِيح أَهْون من احْتِمَال تَركه بِمَا يَقْتَضِيهِ الْمحرم كَمَا فِي تَحْرِيم الضَّب بِمَا روى أَحْمد وَغَيره بِرِجَال الصَّحِيح عَن عبد الرَّحْمَن بن حَسَنَة قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فنزلنا أَرضًا كَثِيرَة الضباب فأصبنا مِنْهَا فذبحنا فَبَيْنَمَا الْقُدُور تغلي بهَا خرج علينا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فَقَالَ: إِن أمة من بني إِسْرَائِيل فقدت، وَإِنِّي أَخَاف أَن تكون هِيَ فاكفئوها فكفأناها، وَإِنَّا لجياع، وروى الْجَمَاعَة إِلَّا التِّرْمِذِيّ مَا دلّ على أَنه أكل مِنْهُ فَلم ينْدر عَنهُ وَلم يكن مَعَه معتذرا بِأَنَّهُ يعافه لعدمه بِأَرْض قومه (وَلَا يقدم الْإِثْبَات) لأمر عَارض (على النَّفْي) كَمَا ذهب إِلَيْهِ الْكَرْخِي وَالشَّافِعِيَّة (إِلَّا أَن كَانَ) النَّفْي لَا يعرف بِالدَّلِيلِ بل (بِالْأَصْلِ) وَهُوَ كَون الأَصْل فِي الْعَوَارِض الْعَدَم والانتفاء فَإِن الْإِثْبَات بِالدَّلِيلِ يقدم عَلَيْهِ (كحرية) مغيث (زوج بَرِيرَة لِأَن عبديته كَانَت مَعْلُومَة فالإخبار بهَا) أَي بعبديته كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَن عَائِشَة أَن

<<  <  ج: ص:  >  >>