من الْقَوْلَيْنِ عِنْد المُصَنّف تَرْجِيح مَا يُوَافق الْقيَاس على مَا لَا يُوَافقهُ انْتهى، وَقد سبق فِي الْفَصْل الَّذِي قبل هَذَا نفي التَّرْجِيح بِمَا يصلح دَلِيلا عِنْد الْحَنَفِيَّة وَأَن ترجح مَا يُوَافق الْقيَاس لَيْسَ لعدم استقلاله عِنْد وجود النَّص إِلَى آخِره فَكَأَنَّهُ نَسيَه، وَذكر الشَّارِح طَائِفَة من المتروكات (والوضوح) مَعْطُوف على الضعْف فَإِن الوضوح من أَسبَاب التّرْك كَقَوْلِهِم يقدم الْإِجْمَاع الْمُتَقَدّم عِنْد تعَارض إجماعين، وَفِي تعَارض تأويلين يقدم مَا دَلِيله أرجح إِلَى غير ذَلِك مِمَّا ذكره الشَّارِح (وتتعارض التراجيح) فَيحْتَاج إِلَى بَيَان المخلص (كفقه ابْن عَبَّاس وَضَبطه) فِي رِوَايَة (نِكَاح) النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (مَيْمُونَة) وَهُوَ محرم بل وهما محرمان (بِمُبَاشَرَة أبي رَافع) الرسَالَة بَينهمَا فِي رِوَايَته لتزوجها وَهُوَ حَلَال (حَيْثُ قَالَ كنت السفير بَينهمَا وكسماع الْقَاسِم) ابْن مُحَمَّد بن أبي بكر (مشافهة من عَائِشَة). وَفِي نُسْخَة مصححة وكالسماع مشافهة فِي الْقَاسِم عَن عَائِشَة أَن (بَرِيرَة عتقت وَكَانَ زَوجهَا عبدا) فَخَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رَوَاهُ أَحْمد وَمُسلم وَغَيرهمَا وَصَححهُ التِّرْمِذِيّ فَإِنَّهَا عمته فَلم يكن بَينهَا وَبَينه حجاب (مَعَ إِثْبَات الْأسود عَنْهَا) أَي كَانَ زوج بَرِيرَة حرا، فَلَمَّا أعتقت خَيرهَا رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. رَوَاهُ البُخَارِيّ وَأَصْحَاب السّنَن وَإِنَّمَا جعل الْأسود مثبتا لِأَن كَونه عبدا فِي الأَصْل بالِاتِّفَاقِ فَهُوَ يثبت أمرا عارضا على الأَصْل وَهُوَ الْحُرِّيَّة، وَالقَاسِم يصغي لذَلِك، والمثبت يقدم على النَّافِي لزِيَادَة الْعلم فِيهِ، لكنه أَجْنَبِي عَن عَائِشَة وَالقَاسِم محرم لَهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَإِنَّهُ) أَي سَمَاعه يكون (من وَرَاء حجاب) فيعارض الْإِثْبَات والمشافهة الْمُشْتَملَة على النَّفْي (وَإِذا قطع) الْأسود (بِأَنَّهَا) أَي المخبرة من وَرَاء حجاب (هِيَ) أَي عَائِشَة، كَذَا فِي نُسْخَة الشَّارِح، وَفِي نُسْخَة مصححه وَإِذن لَا تردد أَنَّهَا هِيَ (فَلَا أثر لارتفاعه) أَي الْحجاب فَلَا يصلح مرجحا، فيرجح الْإِثْبَات لما ذكر (وَلَو رجح) حَدِيث أبي رَافع (بالسفارة لَكَانَ) التَّرْجِيح (لزِيَادَة الضَّبْط) لِأَن السفير يكون ضَبطه أَكثر (فِي خُصُوص الْوَاقِعَة) الَّتِي هُوَ سفير فِيهَا (فَإِذا كَانَ) الضَّبْط (صفة النَّفس) أَي نفس أبي رَافع كَمَا أَنه صفة نفس ابْن عَبَّاس، وَبهَا يغلب ظن الصدْق (اعتدلا) أَي تساوى ابْن عَبَّاس وَأَبُو رَافع (فِيهَا) أَي فِي هَذِه الصّفة (وترجح) خبر ابْن عَبَّاس (بِأَن الْإِخْبَار بِهِ) أَي بِالْإِحْرَامِ (لَا يكون إِلَّا عَن سَبَب علم هُوَ) أَي سَبَب الْعلم (هَيْئَة الْمحرم نعم مَا) روى (عَن صَاحِبَة الْوَاقِعَة) مَيْمُونَة رَضِي الله عَنْهَا (تزَوجنِي) رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (وَنحن حلالان). رَوَاهُ أَبُو دَاوُد (إِن صَحَّ قوى) خبر أبي رَافع، فَعلم أَن خبر صَاحب الْوَاقِعَة يتَرَجَّح على غَيره إِذا عَارضه، وَفِي قَوْله إِن صَحَّ إِشَارَة إِلَى أَنه مَا صَحَّ عِنْد المُصَنّف. وَقَالَ الشَّارِح وَقد صَحَّ وَلم يبين دَلِيل الصِّحَّة (فَيجب) أَن يكون قَوْلهَا تزَوجنِي (مجَازًا عَن الدُّخُول) لعلاقة السَّبَبِيَّة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute