للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

العادية (جمعا) بَين الْحَدِيثين (وَمِنْه) أَي تعَارض التَّرْجِيح (للحنفية الْوَصْف الذاتي) وَهُوَ (مَا) يعرض للشَّيْء (بِاعْتِبَار الذَّات أَو الْجُزْء) مِنْهَا، وَقَيده الشَّارِح بالغالب، وَأطْلقهُ المُصَنّف (على الْحَال) وَهُوَ (مَا) يعرض للشَّيْء (بِخَارِج) أَي بِسَبَب أَمر خَارج عَنهُ، لِأَن مَا بِالذَّاتِ أسق وجودا، وَأَعْلَى رُتْبَة (كَصَوْم) من رَمَضَان أَو من النّذر الْمعِين (لم يبيت) أَي لم ينْو من اللَّيْل بل نوى قبل نصف النَّهَار فَأدى (بعضه منوي وَبَعضه لَا) بِالضَّرُورَةِ (وَلَا تجزأ) أَي وَالْحَال أَن صَوْم يَوْم من رَمَضَان وَاحِد لَا يتَجَزَّأ صِحَة وَفَسَادًا بل إِمَّا يفْسد الْكل أَو يَصح (فتعارض) حِينَئِذٍ (مُفسد الْكل) وَهُوَ عدم النِّيَّة فِي الْبَعْض (ومصححه) أَي الْكل وَهُوَ وجود النِّيَّة فِي الْبَعْض (فترجح الأول) وَهُوَ الْإِفْسَاد للْكُلّ كَمَا ذهب إِلَيْهِ الشَّافِعِي (بِوَصْف الْعِبَادَة المقتضيها) أَي النِّيَّة صفة للوصف الأول (فِي الْكل) أَي كل الْأَجْزَاء فالوصف الْمَذْكُور بِسَبَب اقتضائه النِّيَّة مَعَ انتفائها يُوجب الْفساد فِي الْكل لعدم التجزئ، (و) يرجح (الثَّانِي) وَهُوَ الصِّحَّة للْكُلّ (بِكَثْرَة الْأَجْزَاء المتصفة) بِالنِّيَّةِ. وَفِي بعض النّسخ الْمُتَّصِلَة بِدُونِ المتصفة (وَهُوَ) أَي هَذَا التَّرْجِيح (بالذاتي) لِأَن الْكَثْرَة ثَابِتَة الْأَجْزَاء فِي حد ذَاتهَا وَإِن كَانَ اتصافها واتصالها بِالنِّسْبَةِ بِاعْتِبَار أَمر خَارج عَن الذَّات: أَي النِّيَّة بِخِلَاف وصف الْعِبَادَة فَإِنَّهُ ثَابت للْفِعْل بِاعْتِبَار قصد الْقرْبَة الْمُنْفَصِل عَن الذَّات (وينقض) هَذَا (بِالْكَفَّارَةِ) أَي بصومها، وَكَذَا بِصَوْم النّذر الْمُطلق فَإِنَّهُم لم يجيزوهما إِلَّا مبيتين مَعَ إِمْكَان الِاعْتِبَار الْمَذْكُور (وَيدْفَع بِأَن الْغَرَض) مَعَ ذَلِك الِاعْتِبَار (توقف الْأَجْزَاء) أَي كَون تِلْكَ الامساكات الْوَاقِعَة فِي أَجزَاء الْيَوْم الْمَذْكُور مُتَوَقف حكمهَا من حَيْثُ الْبطلَان وَالصِّحَّة إِلَى أَن يظْهر لُحُوق النِّيَّة بِالْأَكْثَرِ فَيصح أَولا فَيبْطل (لما فِيهِ) أَي فِي الْوَقْت من الشُّرُوع قبل النِّيَّة (وَذَلِكَ) التَّوَقُّف على مَا ذكر إِنَّمَا يتَحَقَّق (فِي الْوُجُوب) أَي وجوب الصَّوْم (فِي) الْيَوْم (الْمعِين) لأَدَاء ذَلِك الصَّوْم (بِخِلَاف نَحْو) صَوْم (الْكَفَّارَة) إِذْ (لم يتَعَيَّن يَوْمهَا للْوَاجِب) فَلم يعْتَبر من لم يبيت النِّيَّة قبل النِّيَّة شَارِعا حَتَّى يتَوَقَّف حكم تِلْكَ الامساكات على مَا ذكر فِي حق صَوْم الْكَفَّارَة (فلمشروع الْوَقْت) أَي فَيعْتَبر شَارِعا فِي مَشْرُوع الْوَقْت (وَهُوَ النَّفْل) فَإِذا لم يبيت كَانَت تِلْكَ الامساكات السَّابِقَة على النِّيَّة متوقفة لصوم النَّفْل فَلَا تصير وَاجِبَة بنية وَاجِب، بل يتَعَيَّن أحد الْأَمريْنِ النَّفْل أَو الْفطر، وَلما كَانَ الحكم بالتوقف يحْتَاج إِلَى مَا يفْسد اعْتِبَاره شرعا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَهُوَ) أَي النَّفْل (الأَصْل) فِي الِاعْتِبَار (إِذْ كَانَ النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ينويه من النَّهَار) كَمَا فِي صَحِيح مُسلم وَذَلِكَ إِنَّمَا يكون بالتوقف (وَهَذَا) التَّوْجِيه بِنَاء (على أَنه) صلى الله عَلَيْهِ وَسلم (صَائِم) فِي (كل الْيَوْم) فِي الْهِدَايَة وَعِنْدنَا يصير صَائِما من أول النَّهَار لِأَنَّهُ عبَادَة قهر النَّفس، وَهُوَ إِنَّمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>