للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بالاستيلاء، وإضافة الديار والأموال إليهم مجازيا باعتبار ما كان، لأن في حملها على الحقيقة، وحمل الفقراء على المجاز مصيرا إلى الخلف، قبل تعذر الأصل، على أن المعتبر في الحقيقة حالة اعتبار الحكم من الثبوت، لا حالة التكلم والإثبات، فإضافة الديار والأموال إليهم حقيقة، لأنها كانت ملكا لهم حالة الإخراج (والوجه أنه) أي الزوال المذكور دلالة الآية عليه (اقتضاء) لا إشارة (لأن صحة إطلاق الفقر) أي الفقير على المهاجرين المخلفين أموالهم (بعد ثبوت ملك) تلك (الأموال) لهم (متوقفة على الزوال) أي زوال ملكهم عنها، والإشارة دلالة على ما لم يقصد باللفظ، ولم يتوقف عليه صحة المنطوق، وإنما اعتبر هذا القيد فيها لكونها مقابلة للاقتضاء المعتبر فيه ذلك (ودلالة لفظ الثمن في الحديث على انعقاد بيع الكلب)، وهو قوله صلى الله عليه وسلم "إن مهر البغي، وثمن الكلب، وكسب الحجام، وحلوان الكاهن من السحت" رواه ابن ماجه في صحيحه، وفي رواية لمسلم "خبيث" وحلوان الكاهن أجرته، كان مقتضى العطف على الاختصاص أن يقول وانعقاد بيع الكلب من لفظ الثمن في الحديث، لكنه لما كان الكلام في بيان الدلالات، وكان اللائق بذلك التمثيل بالدلالة، أراد أن يشير إلى أن لفظ الدلالة فيما سبق مقدرة: أي كدلالة الاختصاص، وزوال ملك المهاجرين الحاصلة من كذا وكذا من قبيل إضافة المصدر إلى المفعول فيما سبق، وإلى الفاعل ههنا، ووجه الدلالة أن لفظ الثمن موضوع لغة وشرعا لما يلزمه البيع تعقلا وتحققا، وهو مال يقصد به بدله عند مبادلة المال بالمال، وهي معنى البيع. فإن قلت المنع عن أخذ ثمن الكلب لا يدل على صحة بيعه. قلت: المنع عن الشيء فرع إمكانه، ولا يمكن أن يكون له ثمن من غير انعقاد بيعه، وذلك لأن الممتنع لا يحتاج إلى المنع، لا يقال يجوز أن يكون إطلاقه مجازيا، لأن الأصل هو الحقيقة، ولا شك أن الانعقاد المذكور غير مقصود من اللفظ، بل هو مدلول التزامي، فيكون دلالته إشارة (و) دلالة (آية أحل لكم ليلة الصيام) الرفث إلى نسائكم (على) جواز (الإصباح جنبا) لأنها دلت على جواز الجماع إلى آخر جزء من الليل، وجواز الملزوم يستلزم جواز اللازم (وظهر) من المعاني المذكورة في الأمثلة المدلولة إشارة (أنها) أي الإشارة الدلالة (الالتزامية وإن خفي) اللزوم واحتيج إلى تأمل، وفي بعض النسخ أنها الالتزامية للعبارة، فإن صح فالمعنى للدال عبارة، والمراد بالعبارة المعنى المشهور (فإن لم يرد سواه) أي سوى اللازم المفهوم من الالتزامية باللفظ الدال عليه التزاما (فكان) اللفظ الذي أريد به (مجازا) لاستعماله في غير ما وضع له، والفاء للعطف على الشرطية، أو لمجرد السببية، والجزاء قوله (لزم) حينئذ كون دلالة اللفظ عليه (عبارة) ويجوز أن يكون المفعول لزم بتضمين معنى الصيرورة كقولهم يتم التسعة بهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>