من غير الصريح (وهو الإشارة، ويقال له) أيضا (دلالة الإشارة، وكذا ما قبله) يعني يقال له دلالة اقتضاء، ودلالة الإيماء (كدلالة مجموع) قوله تعالى (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا)، وقوله تعالى (وفصاله في عامين) على (أن أقل) مدة (الحمل ستة أشهر) لأن المراد أن مدة الحمل والفصال الذي هو الرضاع التام المنتهي إلى الفطام من تسمية الشيء باسم غايته ثلاثون شهرا، وقد حط عنه الفصال حولان لقوله -وفصاله في عامين-، فلم يبق الحمل إلا ستة أشهر.
والمقصود من الآية بيان ما تكابده الأم في تربية الولد مبالغة في التوصية بها، فما ذكر يفهم بطريق الإشارة. لا يقال لم لا يجوز أن يراد أن كل واحد من الحمل والفصال أكثر مدته ثلاثون. لأنه ينفيه قوله تعالى -والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة-، وعليه ما قيل في الآية دليل على أن مدة أكثر الرضاع سنتان كما هو قول الإمامين والأئمة الثلاثة. وقال الإمام: إن الثلاثين توقيت لكل على حدة إلا أنه وجد المنقص في مدة الحمل، وهو قول عائشة رضي الله عنها:"ما تزيد المرأة في الحمل على سنتين قدر ما يتحول عمود المغزل"، وبقي مدة الفصال على ظاهرها، فلا يكون في الآية على هذا دليل على أن أقل الحمل ستة أشهر لعدم التبعيض حينئذ، وفيه أنه يلزم حينئذ إبطال ما يدل عليه الكتاب بخبر الواحد فتدبر (و) دلالة (آية) أحل لكم (ليلة الصيام الرفث، على جواز الإصباح جنبا) وقد مر بيانه (وليس شيء منهما) أي حق كون أقل الحمل ستة، وجواز الإصباح جنبان (مقصودا باللفظ بل لزم) كل منهما (منه) أي من اللفظ كما بينا (وكدلالة) ما يعزى إليه صلى الله عليه وسلم في صفة النساء من أنه قال (تمكث) إحداهن (شطر عمرها لا تصلي) البيهقي أنه لم يجده وقال ابن الجوزي: لا يعرف، وعن النووي أنه باطل (على أن أكثر الحيض خمسة عشر) يوما كما هو مذهب الشافعي رحمه الله، وكذا أقل الطهر، لأن المراد بالشطر النصف (وثم) مناط الاستدلال، وهو كون المراد بالشطر النصف (لكن القطع بعدم إرادة حقيقة النصف به) أي بالشطر ههنا (لأن أيام الإياس والحبل والصغر من العمر) ولا حيض فيها (ومعتادة خمسة عشر لا تكاد توجد ولا يثبت حكم العموم) وهو الحكم بانتفاء الصلاة في نصف عمر كل امرأة (بوجوده) أي الحكم المذكور (في فرد نادر) إن سلم تحققه (واستعمال الشطر في طائفة من الشيء) أي بعض منه سواء كان نصفا أو لا (شائع) في الكلام كما في قوله تعالى: فول وجهك شطر المسجد الحرام) في القاموس الشطر نصف الشيء وجزؤه، ومنه حديث الإسراء "فوضع شطرها" أي بعضها، والجهة انتهى، وتفسير ما في الآية بالبعض أنسب