للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بما ذهب إليه الشافعي في الاستقبال، وبالجهة أنسب بما ذهب إليه أصحابنا (ومكثت شطرا من الدهر فوجب كونه) أي المذكور، وهو طائفة من الشيء (المراد به) أي بالشطر (في المروي) لتعذر إرادة النصف مع شيوع إرادة البعض مطلقا، وقد استبان لك أن الصريح من المنطوق على اصطلاحهم يندرج في العبارة على اصطلاحنا، وغير الصريح منه إن كان مقصودا من اللفظ أحد قسميه، وهو الإيماء كذلك، والآخر هو الاقتضاء قسيم لها كما كان قسيما لها عندنا، وإذا لم يكن مقصودا منه فهو إشارة عندنا وعندهم (والمفهوم) ينقسم (إلى مفهوم موافقة) بالإضافة إلى المصدر لحصول فهم المدلول فيه بسبب موافقة المسكوت للمذكور في المناط، أو لموافقتهما في الحكم (وهو) أي مفهوم الموافقة (فحوى الخطاب) أي يسمى به، وفحوى الخطاب معناه، وذلك لأن مدلوله يفهم بمجرد الخطاب، مع أن اللفظ غير مستعمل فيه (ولحنه) أي ويسمى لحن الخطاب أيضا: أي معناه. قال الله تعالى -ولتعرفنهم في لحن القول-، واللحن قد يطلق على اللغة، وعلى الفطنة أيضا، والمناسبة في كل منهما ظاهرة (ما ذكرنا) من دلالة اللفظ على حكم منطوق لمسكوت يفهم مناطه بمجرد اللغة (من الدلالة) أي دلالة النص (إلا أن منهم) أي الشافعية (من شرط أولوية المسكوت بالحكم) من المذكور (ولا وجه له) أي لهذا الشرط (إذ بعد فرض فهم ثبوته) أي الحكم (للمسكوت كذلك) أي لفهم مناطه بمجرد اللغة (لا وجه لإهدار هذه الدلالة) غاية الأمر كون الاحتجاج بما فيه الشرط المذكور أقوى، عن الواسطي أن اشتراط الأولوية ظاهر المنقول عن الشافعي، وعليه يدل كلام أكثر أئمتنا، وطريقة الإمام الرازي وأتباعه أنه لا يشترط (وعبارتهم) أي الشارطين (تنبيه بالأدنى على الأعلى) مثل قوله تعالى -فلا تقل لهما أف- (وقلبه) أي بالأعلى على الأدنى (مثل) قوله تعالى -ومن أهل الكتاب من إن تأمنه (بقطنار) يؤده إليك- كعبد الله بن سلام: استودعه رجل من قريش ألفا ومائتي أوقية ذهبا فأداه إليه، فإنه يدل على أنه إذا ائتمن على دينار يؤديه بالطريق الأولى (وقد يكتفى بالأول) وهو تنبيه بالأدنى على الأعلى كما فعله ابن الحاجب (على أن يراد بالأدنى مناسبة للحكم) اللام للتقوية، لا صلة المناسبة، يعني كونه أدنى باعتبار مناسبته للحكم في حد ذاته لا باعتبار دلالته على كمال المحكوم عليه في الحكم بعد ما أثبت (فالقنطار) في حد ذاته (أقل مناسبة بالتأدية من الدينار) لغلبة الشح على النفس في المال الكثير، والمانع عن التأدية دون القليل فإنه مبذول عادة (والدينار أقل مناسبة بعدمها) أي التأدية (منه) أي القنطار، فإذا ثبت الحكم مع وجود ما لا يناسبه، وهو القنطار المناسب لعدم التأدية لزم ثبوته مع وجود

<<  <  ج: ص:  >  >>