(كنت نَهَيْتُكُمْ) عَن زِيَارَة الْقُبُور فزوروها: الحَدِيث فَإِن تَأَخّر زوروها مَنْصُوص فضبط بِهَذَا الطَّرِيق (وَالْإِجْمَاع على أَنه نَاسخ) مَعْطُوف على نَصه (أما) الحكم بِأَن هَذَا نَاسخ (بقول الصَّحَابِيّ هَذَا نَاسخ فَوَاجِب عِنْد الْحَنَفِيَّة لَا الشَّافِعِيَّة) قَالُوا لَا يجب (لجَوَاز اجْتِهَاده) أَي لجَوَاز أَن يكون حكمه بالنسخ عَن اجْتِهَاده وَلَا يجب على الْمُجْتَهد اتِّبَاع اجْتِهَاده (وَتقدم) فِي مسئلة حمل الصَّحَابِيّ مرويه الْمُشْتَرك وَنَحْوه على أحد مَا يحْتَملهُ (مَا يفِيدهُ) أَي وجوب قبُوله كَمَا هُوَ قَول الْحَنَفِيَّة (وَفِي تعَارض متواترين) إِذا عين الصَّحَابِيّ أَحدهمَا (فَقَالَ هَذَا نَاسخ لَهُم) أَي الشَّافِعِيَّة (احْتِمَال النَّفْي) لقبُول كَونه النَّاسِخ (لرجوعه) أَي قبُول كَونه نَاسِخا (إِلَى نسخ الْمُتَوَاتر بالآحاد) أَي قَول الصَّحَابِيّ (و) نسخ الْمُتَوَاتر (بِهِ) أَي بالمتواتر (والآحاد دَلِيله) أَي دَلِيل كَونه نَاسِخا، يَعْنِي أحد الْأَمريْنِ لَازم إِذْ مُجَرّد التَّعَارُض بَين المتواترين لَا يسْتَلْزم نسخ أَحدهمَا للْآخر، وَلَو سلم لم يتَعَيَّن أَحدهمَا بِعَيْنِه أَن يكون نَاسِخا إِلَّا بقوله فإمَّا ينْسب النّسخ إِلَيْهِ نظرا إِلَى إِنَّه الْوَاجِب لعلمنا بالنسخ، وَإِمَّا ينْسب إِلَى الْمُتَوَاتر لِأَنَّهُ الْمعَارض الْمُتَأَخر، وَدَلِيل تَأَخره قَوْله والآحاد كَمَا لَا يصلح نَاسِخا للمتواتر لَا يصلح دَلِيلا للنسخ لَهُ (وَالْقَبُول) مَعْطُوف على النَّفْي أَي وَلَهُم احْتِمَال الْقبُول (إِذْ مَا لَا يقبل) على صِيغَة الْمَجْهُول (ابْتِدَاء قد يقبل مَآلًا كشاهدي الاحصان) فَإِن شَهَادَة الِاثْنَيْنِ فِي حق الرَّجْم لَا تقبل ابْتِدَاء، بل لَا بُد من الْأَرْبَعَة ليشهدوا بِالزِّنَا ابْتِدَاء، ثمَّ أَن الرَّجْم مَشْرُوط بِكَوْن الزَّانِي مُحصنا، فَفِي إِثْبَات الاحصان تقبل شَهَادَتهمَا فقد قبل شَهَادَتهمَا فِي الرَّجْم مَآلًا، وَشَهَادَة النِّسَاء فِي الْولادَة مَقْبُولَة مَعَ أَنه يَتَرَتَّب عَلَيْهِ النّسَب، وَلَا تقبل فِي النّسَب إِلَى غير ذَلِك (فَوَجَبَ الْوَقْف) لتساوي احتمالي النَّفْي وَالْقَبُول وَعدم مَا يرجح أَحدهمَا (فَإِن) كَانَ الْوَقْف (عَن الحكم بالنسخ فكالأول) أَي فَلَا وَجه لَهُ إِذْ هُوَ كَالْأولِ، وَهُوَ قَوْله هَذَا نَاسخ فِي غير المتواترين، وَقد عرفت أَنه لَا وقف هُنَاكَ بل هُوَ نَاسخ عِنْد الْحَنَفِيَّة غير نَاسخ عِنْد الشَّافِعِيَّة (وَإِن) كَانَ (عَن التَّرْجِيح) لأحد المتواترين (فَلَيْسَ) التَّرْجِيح (لَازِما) للمتعارضين ليلزم من عَدمه إلغاؤهما مَعًا (بل) اللَّازِم (أحد الْأَمريْنِ مِنْهُ) أَي التَّرْجِيح (وَمن الْجمع) بَينهمَا إِذا أمكن. هَذَا، وَقَالَ الْبَيْضَاوِيّ وَغَيره لَو قَالَ هَذَا الحَدِيث سَابق قبل إِذْ لَا مدْخل للِاجْتِهَاد فِيهِ، وَالضَّابِط أَن لَا يكون نَاقِلا فَيُطَالب بالحجاج، وَأما إِذا كَانَ نَاقِلا فَتقبل ثمَّ هِيَ الطّرق الصَّحِيحَة فِي معرفَة النَّاسِخ (بِخِلَاف بعديته) أَي أحد النصين عَن الآخر (فِي الْمُصحف) فيستدل بهَا على بعديته فِي النُّزُول (و) بِخِلَاف (حَدَاثَة سنّ الصَّحَابِيّ) الرَّاوِي لأحد النصين (فتتأخر صحبته) أَي فيستدل بحداثة سنه على تَأَخّر صحبته (فمرويه) أَي فيستدل بحداثة سنه بتأخر صحبته على تَأَخّر مرويه (و) بِخِلَاف (تَأَخّر إِسْلَامه)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute