للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فيستدل بِهِ على تَأَخّر مروية (لجَوَاز قلبه) أَي جَوَاز أَن يكون الْوَاقِع عكس هَذِه الصُّورَة فَإِن تَرْتِيب الْمُصحف لَيْسَ على تَرْتِيب النُّزُول، وَكم من صَحَابِيّ حَدِيث السن رِوَايَته مُتَقَدّمَة على رِوَايَة كَبِير السن، وَهَكَذَا فِي الْمُتَأَخر إِسْلَامه (وَكَذَا) لَيْسَ من الطّرق الصَّحِيحَة لتعيين النَّاسِخ (مُوَافَقَته) أَي أحد النصين (للبراءة الْأَصْلِيَّة تدل على تَأَخره) عَن الْمُخَالف لَهَا (لفائدة رفع الْمُخَالف) يَعْنِي على تَقْدِير تقدمه لَا يُفِيد إِلَّا مَا أَفَادَهُ الْأَصْلِيّ وَهُوَ لَيْسَ بفائدة جَدِيدَة. وَفِي الشَّرْح العضدي وَمِنْهَا مُوَافَقَته لحكم الْبَرَاءَة الْأَصْلِيَّة فَيدل على تَأَخره من جِهَة أَنه لَو تقدم لم يفد إِلَّا مَا علم بِالْأَصْلِ فيعرى عَن الْفَائِدَة، وَإِذا تَأَخّر أَفَادَ الآخر رفع حكم الأَصْل وَهَذَا رفع حكم الأول. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ هَهُنَا بَيَان لكيفية الِاسْتِدْلَال وَلم يبين ضعفه لظُهُوره بِنَاء على أَنه لَا يزِيد على قَول الصَّحَابِيّ واجتهاده مَعَ أَن الْعلم يكون مَا علم بِالْأَصْلِ ثَابتا عِنْد الشَّرْع حكما من أَحْكَامه فَائِدَة جليلة، وَالشَّارِح الْعَلامَة عكس فَتوهم أَن مُوَافقَة الأَصْل تجْعَل دَلِيل التَّقَدُّم والمنسوخية انْتهى، فقد علم بذلك أَنه على تَقْدِير تَأَخّر الْمُوَافق يحصل لكل من النصين فَائِدَة جليلة، وعَلى تقدمه لَا تحصل الْفَائِدَة الجديدة إِلَّا لمخالف البراة الْأَصْلِيَّة، غير أَن الْمُحَقق أَفَادَ أَنه على تقدمه أَيْضا فَائِدَة جَدِيدَة وَقد عرفت (بِخِلَاف الْقلب) بِأَن يَجْعَل الْمُوَافق مُتَقَدما على الْمُخَالف وَقد بَيناهُ بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ ثمَّ تعقب الْمُحَقق بقوله (فَإِن حَاصله نسخ اجتهادي كَقَوْل الصَّحَابِيّ) هَذَا نَاسخ (اجْتِهَادًا) على أَنه يُمكن أَن يُعَارض بِأَن تَأَخّر الْمُوَافق يسْتَلْزم تغييرين وتقدمه لَا يسْتَلْزم إِلَّا تغييرا وَاحِدًا وَالْأَصْل قلَّة التَّغْيِير. (وَمَا قيل مَعَ أَن الْعلم بِكَوْن مَا علم بِالْأَصْلِ ثَابتا عِنْد الشَّرْع حكما من أَحْكَامه فَائِدَة جَدِيدَة) وَهَذَا مقول القَوْل، وَخبر مَا قيل (مُتَوَقف على تَسْمِيَة الشَّارِع رَفعه) أَي رفع حكم الأَصْل (نسخا، وَهُوَ) أَي كَون رَفعه يُسمى نسخا شرعا (مُنْتَفٍ بل الثَّابِت) شرعا (حِينَئِذٍ) أَي حِين رفع الْمُخَالف للبراءة الْأَصْلِيَّة حكم الْمُوَافق لَهَا (رَفعه) أَي رفع حكم الأَصْل (وَلَا يسْتَلْزم) رَفعه (ذَلِك) أَي كَونه نسخا (كرفع الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة) فَإِنَّهُ لَا يُسمى نسخا وَإِن كَانَ رفعا هَذَا، وَالَّذِي يظْهر أَن الحكم الْمُوَافق للبراءة الْأَصْلِيَّة الْمُسْتَفَاد من نَص الشَّارِع لَا شكّ فِي كَونه حكما شَرْعِيًّا وَلَو لم يكن قبل إِفَادَة النَّص إِيَّاه حكما شَرْعِيًّا عِنْد الْجُمْهُور لكَونه بِمَنْزِلَة الْإِبَاحَة الْأَصْلِيَّة وَإِذا ثَبت كَونه شَرْعِيًّا لَا شُبْهَة فِي كَون رَفعه نسخا إِذْ لم يعْتَبر فِي مَفْهُوم النّسخ إِلَّا رفع الحكم الشَّرْعِيّ، وَالله تَعَالَى أعلم (وَمَا للحنفية فِي مثله) أَي فِي مثل مَا نَحن فِيهِ (فِي) بَاب (التَّعَارُض) بَين الْمحرم والمبيح (تَرْجِيح الْمُخَالف) أَي أحد النصين المتعارضين الَّذِي هُوَ مُخَالف لما هُوَ الأَصْل (حكما بتأخره) بَيَان لكيفية التَّرْجِيح أَي بِأَن يحكموا بِتَأْخِير الْمُخَالف حكما (كي لَا يتَكَرَّر النّسخ) إِن اعْتبر الْمُخَالف مقدما لِأَنَّهُ يلْزم

<<  <  ج: ص:  >  >>