للْكُلّ لعدم الْجَامِع لاختلافهم فِي الدَّوَاعِي المشتهية باخْتلَاف الأمزجة بِخِلَاف الحكم الشَّرْعِيّ فَإِنَّهُ تَابع للدليل وَقد يكون بعض الْأَدِلَّة بِحَيْثُ تقبله الطبائع السليمة كلهَا لوضوحه (وَمَا بعد) أَي وَمَا بعد هَذَا الْقيَاس مَعَ الْفَارِق من المشبهتين الْأَخِيرَتَيْنِ (تشكيك مَعَ الضَّرُورَة) أَي فِي مُقَابلَة البديهي (إِذْ نقطع بِإِجْمَاع كل عصر) من الصَّحَابَة وهلم جرا (على تَقْدِيم الْقَاطِع على المظنون) وَمَا ذَاك إِلَّا بِثُبُوتِهِ عَنْهُم وَنَقله إِلَيْنَا وَلَا عِبْرَة بالتشكيك فِي الضروريات (وَيحمل قَول أَحْمد من ادَّعَاهُ) أَي الْإِجْمَاع (كَاذِب على استبعاد انْفِرَاد اطلَاع ناقله) عَلَيْهِ إِذْ لَو كَانَ صَادِقا لنقله غَيره أَيْضا، كَيفَ وَقد أخرج الْبَيْهَقِيّ عَنهُ قَالَ: أجمع النَّاس على أَن هَذِه الْآيَة فِي الصَّلَاة: يَعْنِي إِذا قرئَ الْقُرْآن فَاسْتَمعُوا لَهُ وأنصتوا، فقد نقل الْإِجْمَاع، وَذهب ابْن تَيْمِية والأصفهاني إِلَى أَنه أَرَادَ اجماع غير الصَّحَابَة، أما إِجْمَاعهم فحجة مَعْلُوم تصَوره لكَون المجمعين ثمَّة فِي قلَّة والآن فِي كَثْرَة وانتشار. قَالَ الْأَصْفَهَانِي وَالْمنصف يعلم أَنه لَا خبر لَهُ من الْإِجْمَاع إِلَّا مَا يجد مَكْتُوبًا فِي الْكتب، وَمن الْبَين أَنه لَا يحصل الِاطِّلَاع عَلَيْهِ إِلَّا بِالسَّمَاعِ مِنْهُم أَو بِنَقْل التَّوَاتُر إِلَيْنَا وَلَا سَبِيل إِلَى ذَلِك إِلَّا فِي عصر الصَّحَابَة، وَقَالَ ابْن الْحَاجِب: أَن مَا قَالَه إِنْكَار على فُقَهَاء الْمُعْتَزلَة الَّذين يدعونَ إِجْمَاع النَّاس على مَا يَقُولُونَهُ وَكَانُوا من أقل النَّاس معرفَة بأقوال الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ. وَأحمد لَا يكَاد يُوجد فِي كَلَامه احتجاج بِإِجْمَاع بعد التَّابِعين وَبعد الْقُرُون الثَّلَاثَة انْتهى. قَالَ أَبُو إِسْحَاق الاسفرايني نَحن نعلم أَن مسَائِل الْإِجْمَاع أَكثر من عشْرين ألف مسئلة (وَهُوَ) أَي الْإِجْمَاع (حجَّة قَطْعِيَّة) عِنْد الْأمة (إِلَّا) عِنْد (من لم يعْتَمد بِهِ من بعض الْخَوَارِج والشيعة لأَنهم) أَي الْخَوَارِج والشيعة (مَعَ فسقهم) إِنَّمَا وجدوا (بعد الْإِجْمَاع) النَّاشِئ (عَن عدد التَّوَاتُر من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حجيته) أَي الْإِجْمَاع (وتقديمه على الْقَاطِع) وَهَذَا متوارث بالتواتر، الشَّك فِيهِ كالشك فِي الضروريات (وَقطع مثلهم) أَي الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ اللَّازِم من تقديمهم إِيَّاه على الدَّلِيل الْقطعِي بِكَوْنِهِ حجَّة (عَادَة لَا يكون إِلَّا عَن سَمْعِي قَاطع فِي ذَلِك) لِأَن تَركهم الْقَاطِع الظني مِمَّا لَا يجوزه الْعقل السَّلِيم، فَقَوْلهم لأَنهم إِلَى آخِره تَعْلِيل لعدم الِاعْتِذَار بالمخالفين لفسقهم بِالْخرُوجِ عَن طَاعَة الإِمَام وَالْبَعْض للخلفاء وَمُخَالفَة مُوجب الدَّلِيل الْقطعِي الَّذِي علم وجوده إِجْمَاعًا لَا مُسْتَندا لِاتِّفَاق الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ على حجيته، على أَنهم إِنَّمَا وجدوا بعد ذَلِك الإتفاق وَلَو كَانُوا موجودين فِي زَمَانه كَانَ يتَوَهَّم عدم انْعِقَاد الْإِجْمَاع بوجودهم لكَوْنهم مخالفين، وَقد علم بذلك أَن الْإِجْمَاع انْعَقَد على حجية الْإِجْمَاع، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَيثبت) كَون الْإِجْمَاع حجَّة قَطْعِيَّة (بِهِ) أَي بذلك السمعي الْقَاطِع فِي الْحَقِيقَة (وَذَلِكَ الإتفاق) الصَّادِر من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ (بِلَا اعْتِبَار حجيته دَلِيله) أَي السمعي الْمَذْكُور: يَعْنِي لَو كَانَ إِجْمَاع الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ دَلِيلا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute