للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على السمعي الْمَذْكُور بِاعْتِبَار حجيته لَكَانَ يلْزم الدّور فِي إِثْبَات حجية الْإِجْمَاع مُطلقًا بذلك السمعي لِأَن توقف مُطلق حجية الْإِجْمَاع على ذَلِك السمعي يسْتَلْزم توقف هَذَا الْإِجْمَاع الْخَاص على ذَلِك السمعي، والمفروض توقف ذَلِك السمعي على حجية هَذَا الْإِجْمَاع الْخَاص لكَونه دَلِيله، وَحَيْثُ لم يكن الْإِجْمَاع الْخَاص بِاعْتِبَار حجيته دَلِيلا لم يكن السمعي الْمَذْكُور مَوْقُوفا على حجيته (فَلَا دور). وَلما كَانَ هَهُنَا مَظَنَّة سُؤال، وَهُوَ أَنه لَو كَانَ الْإِجْمَاع الْمَذْكُور دَلِيلا على وجود دَلِيل قَاطع لأحال الْعقل اتِّفَاق هَذَا الجم الْغَفِير لَا عَن قَطْعِيّ للُزُوم وجود دَلِيل قَطْعِيّ فِي إِجْمَاع الفلاسفة على قدم الْعَالم دفع ذَلِك بقوله (بِخِلَاف إِجْمَاع الفلاسفة على قدم الْعَالم لِأَنَّهُ) أَي إِجْمَاع الفلاسفة نَاشِئ (عَن) دَلِيل (عَقْلِي) مَحْض غير مَأْخُوذ من لوحي الإلهي والنصوص القاطعة. وَلِأَن ذَلِك (يزاحمه) أَي الْعقل (الْوَهم) لعدم مساعدة نور الْهِدَايَة فِي أفكارهم بِسَبَب اعتمادهم على الْعقل الْمَحْض - {وَمن لم يَجْعَل الله لَهُ نورا فَمَا لَهُ من نور} - {يهدي الله لنوره من يَشَاء} - وَقد علم من طَرِيق السّمع أَن نور الْهِدَايَة مَقْصُور على اتِّبَاع الْأَنْبِيَاء - {وَمَا كُنَّا لنهتدي لَوْلَا أَن هدَانَا الله} - فالعروة الوثقى التَّمَسُّك بِحَبل الله والتتبع لآثار الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم الصَّلَاة وَالسَّلَام (على أَن التواريخ دلّت على) وجود (من يَقُول بحدوثه) أَي الْعَالم (مِنْهُم) الفلاسفة، وَنقل الشَّارِح عَن المُصَنّف عِنْد قِرَاءَة هَذَا الْمحل عَلَيْهِ قصَّة بِطُولِهَا تفِيد مَا ذكر (و) بِخِلَاف (إِجْمَاع الْيَهُود على نفي نسخ شرعهم) بِنَاء على نَص نقلوه (عَن مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام، و) بِخِلَاف إِجْمَاع (النَّصَارَى على صلب عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَام لاتباع الْآحَاد الأَصْل) أَي لاتباعهم فِي هذَيْن الافتراءين أَخْبَار الْآحَاد من أوائلهم (لعدم تحقيقهم) إِذْ لَو حققوا لم يجمعوا عَلَيْهِمَا لِأَنَّهُمَا موضوعان (بِخِلَاف من ذكرنَا) من الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ فَإِنَّهُم محققون غير متبعين لأحد فِي ذَلِك (لأَنهم الْأُصُول) وَغَيرهم فروع لَهُم أخذُوا الْعلم عَنْهُم، لَا يُقَال هم أَيْضا يدعونَ التَّحْقِيق، لأَنا نقُول قد علم مَا يدل على عدم الِاعْتِمَاد عَلَيْهِم كالتحريف وَقتل الْأَنْبِيَاء إِلَى غير ذَلِك مِمَّا نطق بِهِ الْكتاب وَالسّنة (وَمن) الْأَدِلَّة (السمعية آحَاد) أَي أَخْبَار آحَاد (تَوَاتر: مِنْهَا) أَي من جملَة مضمونها قدر هُوَ (مُشْتَرك) مِنْهَا (لَا تَجْتَمِع أمتِي على الْخَطَأ وَنَحْوه) مِمَّا يدل على خُلَاصَة مضمونه (كثير)، وَقَالَ الشَّارِح بِإِضَافَة مُشْتَرك إِلَى مَا بعده وجر نَحوه بالْعَطْف على لَا تَجْتَمِع وَكثير على أَنه صفته: أَي الْقدر الْمُشْتَرك بَين هَذَا الحَدِيث وَغَيره انْتهى، وَلَا يخفى مَا فِيهِ وَالْقدر الْمُشْتَرك هُوَ عصمَة الْأمة عَن الْخَطَأ، وَمِنْهَا: إِن الله لَا يجمع أمتِي أَو قَالَ أمة مُحَمَّد على ضَلَالَة وَيَد الله مَعَ الْجَمَاعَة وَمن شَذَّ شَذَّ إِلَى النَّار، وَمِنْهَا: أَن الله لَا يجمع هَذِه الْأمة على ضَلَالَة أبدا، وَأَن يَد الله مَعَ الْجَمَاعَة فاتبعوا السوَاد الْأَعْظَم، فَإِن من شَذَّ شَذَّ فِي النَّار، رَوَاهُ أَبُو نعيم فِي الْحِلْية إِلَى غير

<<  <  ج: ص:  >  >>