للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

كالقطعي لقُوَّة أدلتها، وَهُوَ يسْتَلْزم رُجْحَان عدم نَفاذ الْقَضَاء الْمُتَعَلّق بنقيض الحكم الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْإِجْمَاع الْمَذْكُور صَار نفاذه مرجوحا ضَعِيفا عِنْد من لم يشْتَرط انْتِفَاء سبق الْخلاف فِي الْإِجْمَاع وَمثله لَا ينفذ فنفاذه مُخْتَلف فِيهِ يحْتَاج إِلَى إِمْضَاء آخر لينفذه ويقرره بِحَيْثُ لَا يقدر على إِبْطَاله قَاض ثَالِث. ثمَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْأَئِمَّة الْأَرْبَعَة: عدم جَوَاز بيع أُمَّهَات الْأَوْلَاد، وقضاة الزَّمَان مَا فوض إِلَيْهِم إِلَّا الحكم بِمُوجب مَذْهَب مقلدهم فحكمهم بِمَا يُخَالف مَذْهَبهم وَلَيْسَ عَن ولَايَة فَلَا ينفذ (لنا) على عدم اشْتِرَاط هَذَا الشَّرْط (الْأَدِلَّة) الْمُتَقَدّمَة (لَا تفصل) بَين مَا سبقه خلاف وَبَين مَا لم يسْبقهُ فَيعْمل بِمُقْتَضى إِطْلَاقهَا. (قَالُوا) أَي الشارطون (لَا ينتفى القَوْل بِمَوْت قَائِله حَتَّى جَازَ تَقْلِيده) أَي تَقْلِيد قَائِله (وَالْعَمَل بِهِ) أَي بقول الْمَيِّت، وَلِهَذَا يدون ويحفظ (فَكَانَ) قَوْله (مُعْتَبرا حَال اتِّفَاق اللاحقين فَلم يَكُونُوا) أَي اللاحقون (كل الْأمة) فَلَا إِجْمَاع (قُلْنَا جَوَاز ذَلِك) أَي تَقْلِيد الْمَيِّت وَالْعَمَل بقوله (مُطلقًا مَمْنُوع بل) جَوَاز ذَلِك (مَا لم يجمع على) القَوْل (الآخر) الْمُقَابل لَهُ، أما إِذا أجمع على الآخر (فينتفى اعْتِبَاره) أَي ذَلِك القَوْل السَّابِق لَا وجوده من الأَصْل كَمَا ينتفى اعْتِبَار القَوْل السَّابِق، و (لَا) ينتفى (وجوده كَمَا بالناسخ، وَبِه) أَي بِمَا ذكر من الْإِجْمَاع بِنَفْي اعْتِبَار القَوْل الْمُقَابل للْجمع عَلَيْهِ بعد الْإِجْمَاع فَلَا يَنْفِي وجوده من الأَصْل، وَلَا يَنْفِي أَيْضا اعْتِبَاره قبل الْإِجْمَاع (يبطل قَوْلهم) أَي الشارطين (يُوجب) عدم اعْتِبَار قَول الْمَيِّت الْمُخَالف (تضليل بعض الصَّحَابَة) الْقَائِل بِخِلَاف مَا أجمع عَلَيْهِ بِالآخِرَة وَجه الْبطلَان أَن الْإِجْمَاع اللَّاحِق لم يسْتَلْزم عدم اعْتِبَاره قبله بل كَانَ مُعْتَبرا مَعْمُولا بِهِ غَايَة الْأَمر أَنه ظهر بالاجماع اللَّاحِق كَونه خطأ اجتهاديا لِأَن الْمجمع عَلَيْهِ عين حكم الله تَعَالَى قطعا وَهُوَ يسْتَلْزم خطأ نقيضه وَلَا مَحْذُور فِي هَذَا فَإِن الْمُجْتَهد يُخطئ ويصيب، وَمَا أدّى إِلَيْهِ اجْتِهَاده يجب أَن يعْمل بِهِ، وَإِن كَانَ مخطئا فِي نفس الْأَمر وَإِنَّمَا الْمُمْتَنع خطأ كل الْأمة (وبإجماع التَّابِعين) الْمَذْكُور (بَطل مَا) نقل (عَن الْأَشْعَرِيّ وَأحمد وَالْغَزالِيّ وَشَيْخه) إِمَام الْحَرَمَيْنِ (من إِحَالَة الْعَادة إِيَّاه) أَي الْإِجْمَاع على أحد الْقَوْلَيْنِ السَّابِقين (لقضائها) أَي الْعَادة (بالإصرار على المعتقدات) أَي الثَّبَات على أَحْكَام شَرْعِيَّة اعتقدوها (و) خص هَذَا الْإِصْرَار (خُصُوصا من الِاتِّبَاع) على معتقدات متبوعهم، وَجه الْبطلَان أَن الْعَادة لَا تتَصَوَّر أَن تحيل أمرا وَاقعا فِي نفس الْأَمر وَلَا وَجه للاحتجاج بِمَا نقل عَنْهُم (على أَنه) أَي قَضَاء الْعَادة بِمَا ذكر على تَقْدِير تَسْلِيمه (إِنَّمَا يسْتَلْزم ذَلِك) أَي إِحَالَة وُقُوع الْإِجْمَاع (من الْمُخْتَلِفين) أنفسهم (لَا) إِحَالَة وُقُوعه (مِمَّن بعدهمْ) إِذْ لَا نسلم كَون من بعدهمْ على اعْتِقَادهم، والمسئلة مَفْرُوضَة فِي وُقُوعه مِمَّن بعدهمْ. وَأَنت خَبِير بِأَن الشَّخْص الْوَاحِد يُنَاقض نَفسه فِي وَقْتَيْنِ بِمُوجب اجْتِهَاده

<<  <  ج: ص:  >  >>