فِي قَول الله - {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} - فَقَالَ بَعضهم: أمرنَا أَن نحمد الله وَنَسْتَغْفِرهُ إِذا نصرنَا وَفتح علينا، فَسكت بَعضهم فَلم يقل شَيْئا، فَقَالَ لي أكذاك تَقول يَا ابْن عَبَّاس؟ فَقلت لَا، قَالَ فَمَا نقُول؟ قلت هُوَ أجل رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم أعلمهُ لَهُ قَالَ {إِذا جَاءَ نصر الله وَالْفَتْح} وَذَلِكَ عَلامَة أَجلك {فسبح بِحَمْد رَبك وَاسْتَغْفرهُ إِنَّه كَانَ تَوَّابًا}، فَقَالَ عمر مَا أعلم مِنْهَا إِلَّا مَا تَقول: رَوَاهُ البُخَارِيّ، وَعنهُ قَالَ دَعَا عمر الْأَشْيَاخ من أَصْحَاب مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ذَات يَوْم فَقَالَ لَهُم أَن رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم قَالَ فِي لَيْلَة الْقدر " التمسوها فِي الْعشْر الْأَوَاخِر وترا فَفِي أَي التوتر ترونها؟ فَقَالَ رجل بِرَأْيهِ إِنَّهَا تاسعة سابعة خَامِسَة ثَالِثَة، فَقَالَ يَا ابْن عَبَّاس تكلم، قلت أَقُول برأيي. قَالَ عَن رَأْيك أَسأَلك، قلت إِنِّي سَمِعت الله أَكثر من ذكر السَّبع فَذكر الحَدِيث وَفِي آخِره. قَالَ عمر أعجزتم أَن تَقولُوا مثل مَا قَالَ هَذَا الْغُلَام الَّذِي لم تستو شؤون رَأسه. أخرجه الْإِسْمَاعِيلِيّ فِي مُسْند عمر وَالْحَاكِم وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد إِلَى غير ذَلِك (وَكَانَ) عمر رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ (أَلين للحق) وَأَشد انقيادا لَهُ من غَيره (وَعنهُ) رَضِي الله عَنهُ (لَا خير فِيكُم إِن لم تَقولُوا) يَعْنِي كلمة الْحق (وَلَا خير فِي ان لم أسمع) ذكره فِي التَّقْوِيم وَغَيره (وقصته مَعَ الْمَرْأَة فِي نَهْيه عَن مغالاة الْمهْر شهيرة) رَوَاهُ غير وَاحِد مِنْهُم أَبُو يعلى الْموصِلِي بِسَنَد قوي عَن مَسْرُوق قَالَ: ركب عمر ابْن الْخطاب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مِنْبَر رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم ثمَّ قَالَ: أَيهَا النَّاس مَا إكْثَاركُمْ فِي صدَاق النِّسَاء وَقد كَانَ الصَّدقَات فِيمَا بَين رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين أَصْحَابه أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمَا دون ذَلِك وَلَو كَانَ الْإِكْثَار فِي ذَلِك تقوى عِنْد الله أَو مكرمَة لم تَسْبِقُوهُمْ إِلَيْهَا فَلَا أَعرفن مَا زَاد رجل فِي صدَاق امْرَأَة على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم، قَالَ ثمَّ نزل فَاعْتَرَضتهُ امْرَأَة من قُرَيْش فَقَالَت لَهُ يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ نهيت النَّاس أَن يزِيدُوا النِّسَاء فِي صداقهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم، قَالَ نعم قَالَت: أما سَمِعت الله يَقُول - {وَآتَيْتُم إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئا} - فَقَالَ عمر اللَّهُمَّ عفوا كل أحد أفقه من عمر، قَالَ ثمَّ رَجَعَ فَركب الْمِنْبَر ثمَّ قَالَ يَا أَيهَا النَّاس إِنِّي كُنْتُم نَهَيْتُكُمْ أَن تَزِيدُوا النِّسَاء فِي صداقهن على أَرْبَعمِائَة دِرْهَم فَمن شَاءَ أَن يُعْطي من مَاله مَا أحب. قَالَ الشَّارِح لَكِن فِي نفي صِحَة اعتذار ابْن عَبَّاس عَن ترك مُرَاجعَة عمر بالهيبة نظر، فقد روى الطَّحَاوِيّ وَإِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق وَالْقَاضِي فِي الْأَحْكَام عَن عبيد الله بن عبد الله بن عتبَة قَالَ: دخلت أَنا وَزفر بن الْحدثَان على ابْن عَبَّاس رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُمَا بعد مَا ذهب بَصَره فتذاكرنا فَرَائض الْمَوَارِيث فَقَالَ ابْن عَبَّاس: أَتَرَوْنَ من أحصى رمل عالج عددا لم يخص فِي مَال نصفا وَنصفا وَثلثا إِذا ذهب نصف وَنصف فَأَيْنَ الثُّلُث، فساق الحَدِيث، ورأيه فِي ذَلِك وَفِي آخِره، فَقَالَ لَهُ زفر مَا مَنعك أَن تُشِير عَلَيْهِ بِهَذَا الرَّأْي، قَالَ هَيْبَة وَالله. قَالَ شَيخنَا الْحَافِظ مَوْقُوف حسن انْتهى، فَإِن قلت كَيفَ تمنع المهابة
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute