للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَن إِظْهَار الْحق قُلْنَا لعلمه بِأَنَّهُ علم الآراء فِيهِ، وَاخْتَارَ مَا ذهب إِلَيْهِ الْجُمْهُور وَاسْتَحْسنهُ وَلم يرجع عَن ذَلِك، وَلَا فَائِدَة فِي المناظرة والمحاجة مَعَه، والاحتشام والإجلال مَنعه عَن أَمر علم فَائِدَته وَلم يبْق إِلَّا احْتِمَال مَرْجُوح وَهُوَ أَن يرجع بمناظرته، وَقيل يُمكن أَنه لم يكن إِذْ ذَاك فِي دَرَجَة الِاجْتِهَاد (وَقد يُقَال السُّكُوت عَن) إِنْكَار (الْمُنكر مَعَ الْقُدْرَة) عَلَيْهِ (فسق، وَقَول الْمُجْتَهد لَيْسَ إِيَّاه) أَي مُنْكرا (فَلَا يجب) على الْمُجْتَهد السَّاكِت (إِظْهَار خِلَافه) أَي خلاف الْمُجْتَهد الْمُفْتِي أَو القَاضِي (ليَكُون السُّكُوت) عَن إِنْكَاره (فسقا، بل هُوَ) أَي الْمُجْتَهد السَّاكِت (مُخَيّر) بَين السُّكُوت وَإِظْهَار الْخلاف، وَهَذَا (بِخِلَاف الاعتقادي فَإِنَّهُ) أَي الْمُجْتَهد فِيهِ (مُكَلّف) فِيهِ (بِإِصَابَة الْحق فَغَيره) أَي غير الْحق إِذا أَتَى بِهِ (عَن اجْتِهَاد مُنكر فَامْتنعَ السُّكُوت) فِيهِ كَيْلا يكون ساكتا عَن مُنكر فيضيق (إِلَّا أَن يُقَال يجب) على السَّاكِت إِظْهَار خلاف قَول الْمُفْتِي وَالْقَاضِي فِي الْفُرُوع أَيْضا (لتجويزه) أَي الْمُجْتَهد السَّاكِت (رُجُوع الْمُفْتى) أَو القَاضِي (إِلَيْهِ) أَي إِلَى قَوْله (لحقيته) أَي حقية قَول السَّاكِت فِي اعْتِقَاده ورجاء أَن يظْهر ذَلِك عِنْد الْمُفْتِي أَو القَاضِي فَيرجع إِلَيْهِ، وَقد يُقَال أَن هَذَا التجويز لَا يقتضى وجوب إِظْهَار الْخلاف، كَيفَ وَهُوَ يعلم أَن كلا من الافتاء وَالْقَضَاء صَحِيح وَاجِب الْعَمَل فِي حق الْمُفْتِي وَالْقَاضِي وَإِن كَانَ خطأ فِي نفس الْأَمر وسيشير إِلَيْهِ. قَالَ الشَّارِح على أَنا سنذكر من الْمِيزَان أَن العملى والاعتقادي فِي الْجَواب سَوَاء على قَول أهل السّنة وَالْقَائِل بِأَن الْمُجْتَهد قد يُخطئ ويصيب (واذن) أَي وَإِذا كَانَ الْإِظْهَار وَاجِبا للتجويز الْمَذْكُور (فَقَوْل معَاذ فِي جلد الْحَامِل) الَّتِي زنت لما هم عمر بجلدها أَن جعل الله لَك على ظهرهَا سَبِيلا (مَا جعل الله لَك على مَا فِي بَطنهَا سَبِيلا) فَقَالَ لَوْلَا معَاذ لهلك عمر (للْوُجُوب) أَي بِسَبَب وجوب إِظْهَار الْمُخَالفَة على الْمُجْتَهد (فَيبْطل) بِهِ (تَفْصِيل ابْن أبي هُرَيْرَة) الْمشَار إِلَيْهِ بقوله وَابْن أبي هُرَيْرَة كَذَلِك لَا فِي الْقَضَاء (لكنه) أَي وجوب إِظْهَار الْمُخَالفَة إِذا جوز رُجُوعه إِلَيْهِ (مَمْنُوع) لِأَن التجويز غير مُلْزم، وَلَيْسَ مَا ذهب إِلَيْهِ الْمُجْتَهد الأول مَعْلُوم الْبطلَان وَإِن كَانَ خطأ فَالْعَمَل بِهِ صَحِيح بظنه، وَلَا نسلم أَن قَول معَاذ يدل على الْوُجُوب، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَقَول معَاذ اخْتِيَار لأحد الجائزين) من السُّكُوت وَإِظْهَار الْمُخَالفَة (أَو) إِظْهَار الْمُخَالفَة وَاجِب (فِي خُصُوص) هَذِه (الْمَادَّة) لما فِيهِ من صِيَانة نفس مُحْتَرمَة عَن تعرضها للهلاك (وَقَوله) أَي ابْن أبي هُرَيْرَة (الْعَادة أَن لَا يُنكر الحكم بِخِلَاف الْفَتْوَى) فَإِنَّهَا تنكر فَلَا يكون السُّكُوت فِي الْقَضَاء دَلِيل الْمُوَافقَة وَيكون فِي الْفَتْوَى دليلها، وَقَوله مُبْتَدأ حبره (يعد اسْتِقْرَار الْمذَاهب) لَا قبله والنزاع إِنَّمَا هُوَ فِيمَا قبله، مفَاد هَذِه الْعبارَة أَن الْفرق بَينهمَا بالإنكار وَعَدَمه بعد الِاسْتِقْرَار مُسلم، وَأما قبله فكلاهما يُنكر، وَلَا يخفى أَن استقرارها

<<  <  ج: ص:  >  >>