صلى الله عَلَيْهِ وَسلم. قَالَ الشَّارِح: أَن نسبته إِلَى الْحَنَفِيَّة لَيْسَ على الْعُمُوم، إِذْ فِي الْمِيزَان فَأَما إِنْكَار مَا هُوَ ثَابت قطعا من الشرعيات بِأَن علم بِالْإِجْمَاع وَالْخَبَر الْمَشْهُور فَالصَّحِيح من الْمَذْهَب أَنه لَا يكفر انْتهى، وَفِي التَّقْوِيم نفي تَكْفِير الروافض والخوارج فِي إنكارهم إِمَامَة أبي بكر وَعمر لكَونه عَن شُبْهَة وَإِن كَانَت فَاسِدَة. (و) قَالَت (طَائِفَة لَا) يكفر وَهُوَ معزو إِلَى بعض الْمُتَكَلِّمين بِنَاء على أَن الْإِجْمَاع حجَّة ظنية لِأَن دَلِيل حجيته لَيْسَ بقطعي، وَقد عرفت قطعيته فِي أول الْبَاب (وَيُعْطِي) أَي يُفِيد (الْأَحْكَام) للآمدي (وَغَيره) كمختصر ابْن الْحَاجِب أَن فِي هَذِه المسئلة (ثَلَاثَة) من الْأَقْوَال (هذَيْن وَالتَّفْصِيل) وَهُوَ (مَا) كَانَ (من ضروريات الدّين) أَي دين الْإِسْلَام: وَهُوَ مَا يعرفهُ الْخَواص والعوام من غير قبُول للتشكيك كالتوحيد والرسالة وَوُجُوب الصَّلَاة وَالصَّوْم وَالزَّكَاة وَالْحج (يكفر) منكره (وَإِلَّا فَلَا) يكفر (وَهُوَ) أَي هَذَا الَّذِي أَفَادَهُ الْأَحْكَام من كَون الْأَقْوَال ثَلَاثَة (غير وَاقع) لِأَنَّهُ يلْزم مِنْهُ عدم إكفار مُنكر نَحْو الصَّلَاة عِنْد الْبَعْض، وَهَذَا لَا يتَصَوَّر (إِذْ لَا مُسلم يَنْفِي كفر مُنكر نَحْو الصَّلَاة) فَلَيْسَ فِي الْوَاقِع إِلَّا قَولَانِ: أَحدهمَا التَّكْفِير مُطلقًا، وَهُوَ الَّذِي مَشى عَلَيْهِ إِمَام الْحَرَمَيْنِ لَكِن قَالَ: فَشَا فِي لِسَان الْفُقَهَاء أَن خارق الْإِجْمَاع يكفر، وَهُوَ بَاطِل قطعا، فَإِن من يُنكر أصل الْإِجْمَاع لَا يكفر، نعم من اعْترف بِالْإِجْمَاع وَأقر بِصدق المجمعين فِي النَّقْل، ثمَّ أنكر مَا أَجمعُوا عَلَيْهِ كَانَ تَكْذِيبًا للشارع وَهُوَ كفر، وَثَانِيهمَا التَّفْصِيل الْمَذْكُور، وَقد يُقَال: إِن مُرَاد الْآمِدِيّ أَن مِنْهُم من قَالَ إِنْكَار حكم الْإِجْمَاع الْقطعِي كفر مُطلقًا، وَمِنْهُم من قَالَ لَيْسَ بِكفْر مُطلقًا بِمَعْنى أَنه لَيْسَ بِكفْر من حَيْثُ أَنه مُنكر للْإِجْمَاع، غَايَة الْأَمر أَنه يلْزم عَلَيْهِ عدم تَكْفِير مُنكر الصَّلَاة من حَيْثُ الْإِجْمَاع، وَهَذَا لَا يُنَافِي تكفيره من حَيْثُ الضَّرُورَة الدِّينِيَّة، وَصَاحب القَوْل الثَّالِث يَجْعَل الضَّرُورَة رَاجِعَة إِلَى الْإِجْمَاع فَتَأمل (وَإِذا حمل حكم الْإِجْمَاع) المبحوث عَن تَكْفِير منكره الْمَذْكُور فِي الْأَحْكَام (على الْخُصُوص) وَهُوَ مَا لَيْسَ من ضروريات الدّين دفعا للإيراد الْمَذْكُور لَا يَصح أَيْضا إِذْ (لم يتَنَاوَلهُ) أَي الْإِجْمَاع على مَا هُوَ من ضروريات الدّين بل يباينه، هَكَذَا فسر الشَّارِح هَذَا الْمحل ولارتباط قَول المُصَنّف (لِأَن حكمه حِينَئِذٍ مَا لَيْسَ إِلَّا عَنهُ) قدر قبل التَّعْلِيل قَوْله وَلَيْسَ كَون الشَّيْء ملزما بِالضَّرُورَةِ عَن الدّين حكم الْإِجْمَاع، وَلَا يخفى مَا فِيهِ، وَالْأَوْجه أَن يُقَال أَن حكم الشَّيْء أَثَره الْمُتَرَتب عَلَيْهِ، وَإِذا حمل حكم الْإِجْمَاع على مَا يَتَرَتَّب على خُصُوص كَونه إِجْمَاعًا: أَي على حكم الْإِجْمَاع من حَيْثُ هُوَ إِجْمَاع لَا بِالنّظرِ إِلَى الْمجمع لم يتَنَاوَل الحكم بِهَذَا الْمَعْنى حكم الْإِجْمَاع وَلَا يخفى مَا فِيهِ، وَالْأَوْجه أَن يُقَال أَن حكم الشَّيْء أَثَره الْمُتَرَتب عَلَيْهِ بِهَذَا الْمَعْنى حكم الْإِجْمَاع المنضم إِلَيْهِ الضَّرُورَة الدِّينِيَّة، فنحو تَكْفِير مُنكر الصَّلَاة أثر يَتَرَتَّب على خُصُوصِيَّة الْمجمع عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute