(ثمَّ لَيْسَ) هَذَا الْإِجْمَاع (نسخا) للْأولِ هَكَذَا فسر الشَّارِح ضمير لَيْسَ بِتَأْوِيل أَن قَوْله فَيجوز فيهمَا الِاجْتِهَاد بِاعْتِبَار إِطْلَاقه مُفِيد جَوَاز أَن يَنْتَهِي تضافر الاجتهادات فِي جَانب الْخلاف إِلَى دَرَجَة الْإِجْمَاع عَلَيْهِ فَيصير مجمعا عَلَيْهِ، بِخِلَاف مَا أجمع عَلَيْهِ، وَأَنت خَبِير بِأَن هَذَا تكلّف مُسْتَغْنى عَنهُ، إِذْ الظَّاهِر أَن يرجع الضَّمِير إِلَى الْمَذْكُور من جَوَاز الِاجْتِهَاد بِخِلَاف مَا أجمع أَو جَوَاز رُجُوع الْبَعْض فَإِنَّهُ يُوهم نسخ الْإِجْمَاع السَّابِق، وَمَعَ عدم منسوخيته لَا مجَال للْخلاف (بل) الِاجْتِهَاد بِخِلَافِهِ (معَارض) لذَلِك الْإِجْمَاع الظني لجَوَاز التَّعَارُض بَين ظنيين (رجح) الِاجْتِهَاد بِخِلَافِهِ على ذَلِك الْإِجْمَاع بمرجح من المرجحات بِحَسب مَا ظهر لأَجله، وَإِذا كَانَ كَذَلِك (فَلَا يقطع بخطأ الأول وَلَا صَوَابه) فِي الْوَاقِع (بل هُوَ) أَي قَول كل بخطأ مخالفه وإصابة نَفسه بِنَاء (على ظن الْمُجْتَهد) ذَلِك، وَهُوَ قد يكون مطابقا للْوَاقِع، وَقد لَا (فدليل القطعية) للْإِجْمَاع الْمُسْتَفَاد (من إِجْمَاع الصَّحَابَة على تَقْدِيمه) أَي الْإِجْمَاع (على الْقَاطِع) إِنَّمَا يتم (فِي) حق (إِجْمَاعهم) لما أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله فِي أَوَائِل الْبَاب من أَن قطع مثلهم عَادَة لَا يكون إِلَّا عَن سَمْعِي قَاطع فِي ذَلِك (وَمنع الْغَزالِيّ وَبَعض الْحَنَفِيَّة حجية الآحادي) أَي الْإِجْمَاع الَّذِي نقل إِلَيْنَا بأخبار الْآحَاد (إِذْ لَيْسَ) الْآحَاد (نصا) وَهُوَ ظَاهر (وَلَا إِجْمَاعًا لِأَنَّهُ) أَي الْإِجْمَاع دَلِيل (قَطْعِيّ) والآحادي لَيْسَ بقطعي (وحجية غير الْقَاطِع) إِنَّمَا تثبت (بقاطع كَخَبَر الْوَاحِد) أَي كَمَا تثبت حجية خبر الْوَاحِد بقطعي على مَا مر (وَلَا قَاطع فِيهِ) أَي فِي الآحادي (وَالْجَوَاب بل فِيهِ) أَي كَون الآحادي حجَّة قَاطع (وَهُوَ) أَي الْقَاطِع فِيهِ (أولويته) أَي الْإِجْمَاع الآحادي (بهَا) أَي بالحجية (من خبر الْوَاحِد الظني الدّلَالَة، لِأَن الْإِجْمَاع على وجوب الْعَمَل بِهِ) أَي بِخَبَر الْوَاحِد الظني الدّلَالَة الَّذِي تخللت الْوَاسِطَة بَين الرَّسُول صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَبَين من بلغه (إِجْمَاع عَلَيْهِ) أَي على وجوب الْعَمَل (فِي) الْإِجْمَاع (الْقطعِي الْمَنْقُول آحادا) إِذْ كل مِنْهُمَا يُفِيد الْقطع بِاعْتِبَار أَصله، وَنقل إِلَيْنَا بِوَاسِطَة الْآحَاد فاستويا من حَيْثُ الشُّبْهَة الناشئة عَن الْوَاسِطَة، وترجح الْإِجْمَاع الآحادي بِاعْتِبَار قَطْعِيَّة دلَالَته، بِخِلَاف الْخَبَر الْمَذْكُور (وَقد فرق) بَين خبر الْوَاحِد وَالْإِجْمَاع الآحادي (بإفادة نقل الْوَاحِد الظَّن فِي الْخَبَر دون الْإِجْمَاع لبعد انْفِرَاده) أَي الْوَاحِد (بالاطلاع) على إِجْمَاع أهل عصر، وَعدم بعد انْفِرَاده بالاطلاع على الْخَبَر (وَيدْفَع) هَذَا (الاستبعاد بعدالة النَّاقِل) إِذْ صُدُور الْكَذِب من الْعدْل فِي أصل ديني أبعد من الِانْفِرَاد، خُصُوصا إِذا كَانَ خبر الْآحَاد متحققا فِي جمع كثير فَإِن عدد المخبرين إِذا كَانَ دون عدد التَّوَاتُر يُقَال لَهُ خبر الْوَاحِد (وَلَا يسْتَلْزم) نقل الْوَاحِد (الِانْفِرَاد) فِي الْعلم بتحقق ذَلِك الْإِجْمَاع فِي نفس الْأَمر (بل) يسْتَلْزم (مُجَرّد علمه أَي النَّاقِل مَعَ تَجْوِيز أَن يكون لَهُ شَرِيكا فِي الْعلم بِهِ (فَجَاز علم من لم يَنْقُلهُ أَيْضا، مِثَاله) أَي الْإِجْمَاع
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute