للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آنِفا يصلح لِأَن يكون تَأْوِيله، وسيشير إِلَى تَأْوِيل، ثمَّ بَين عدم كَونهَا فعل الْمُجْتَهد بقوله (إِذْ لَا فعل لَهُ) أَي للمجتهد فِي ذَلِك (سوى النّظر فِي دَلِيل الْعلَّة) بِعَدَمِ مُلَاحظَة كَون الأَصْل مُعَللا (و) سوى النّظر فِي (وجودهَا) أَي الْعلَّة فِي الْفَرْع (ثمَّ يلْزمه) أَي النّظر فِي دَلِيل الْعلَّة ووجودها فِي الْفَرْع إِذا أدّى إِلَيْهَا وَإِلَى وجودهَا (ظن حكم الأَصْل فِي الْفَرْع بخلقه تَعَالَى) إِيَّاه مُتَعَلق باللزوم (عَادَة) أَي لُزُوما عاديا لَا عقليا بِحَيْثُ يَسْتَحِيل عدم حُصُوله (فَلَيْسَتْ التَّعْدِيَة سواهُ) أَي سوى ظن حكم الأَصْل فِي الْفَرْع، وَالظَّن كَيفَ، وَلَيْسَ بِفعل (وَهُوَ) أَي الظَّن الْمَذْكُور (ثَمَرَة الْقيَاس لَا نفس الْقيَاس) وَهَذَا يدل على أَن الْقيَاس هُوَ النّظر الْمَذْكُور، وَقد صرح فِيمَا قبل أَن الْقيَاس دَلِيل نَصبه الشَّارِع نظر فِيهِ مُجْتَهد أَولا، فبينهما تدافع، وَيُمكن أَن يُجَاب عَنهُ بِأَن النّظر الْمُؤَدِّي إِلَى تعْيين الْعلَّة ووجودها فِي الْفَرْع نتيجة نصب الشَّارِع، وَالظَّن الْمَذْكُور نتيجة النّظر الْمَذْكُور ونتيجة نتيجة الشَّيْء نتيجة لذَلِك الشَّيْء فَتَأمل (وَمثله) أَي مثل تَعْرِيف صدر الشَّرِيعَة فِي عدم إِمْكَان الرَّد إِلَى فعله تَعَالَى (قَول القَاضِي أبي بكر: حمل مَعْلُوم على مَعْلُوم فِي إِثْبَات حكم لَهما الخ) أَي أَو نَفْيه عَنْهُمَا بِأَمْر جَامع بَينهمَا من إِثْبَات حكم أَو صفة أَو نفيهما، إِنَّمَا قَالَ مَعْلُوم على مَعْلُوم دون شَيْء على شَيْء ليشْمل الْمَعْدُوم والمستحيل أَيْضا، وعمم الحكم ليتناول الوجودي نَحْو قتل عمد عدوان، فَيجب الْقصاص كَمَا فِي الْمَحْدُود، والعدمي نَحْو قَتِيل تمكن فِيهِ الشُّبْهَة فَلَا يُوجب الْقصاص كالعصا الصَّغِيرَة، وَفصل فِي الْجَامِع ليعم الحكم الشَّرْعِيّ نَحْو العدوانية، وَالْوَصْف الْعقل نَحْو العمدية، ونفيهما كَمَا يُقَال فِي الْخَطَأ لَيْسَ بعمد وَلَا عدوان: فَلَا يجب الْقصاص كَمَا فِي الصَّبِي، (وَفِيه زِيَادَة إِشْعَار بِأَن حكم الأَصْل) أَيْضا (بِالْقِيَاسِ) يَعْنِي شَارك صدر الشَّرِيعَة فِي عدم إِمْكَان الرَّد لِأَن الْحمل الْمَذْكُور هُوَ التَّعْدِيَة الْمَذْكُورَة فِي الْمَآل، وَزَاد عَلَيْهِ بِهَذَا الْإِشْعَار (وَأجِيب بِأَن الْمَعْنى) أَي معنى إِثْبَات حكم لَهما أَنه (كَانَ حكم الأَصْل) قبل الْقيَاس هُوَ (الظَّاهِر فَظهر) أَن الْقيَاس (فيهمَا) أَي فِي الأَصْل وَالْفرع جَمِيعًا وَالْحَاصِل أَن ثُبُوت الحكم فيهمَا بِحَسب نفس الْأَمر مُتَحَقق قبل الْقيَاس، وَأما ظُهُوره عِنْد الْمُكَلّفين فَفِي الأَصْل مُتَحَقق قبل الْقيَاس، أَعنِي النّظر وَالِاجْتِهَاد، وَفِي الْفَرْع يتَحَقَّق بعده، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (بِإِظْهَار الْقيَاس إِيَّاه) أَي حكم الأَصْل (فِي الْفَرْع) وَإِضَافَة الْإِظْهَار إِلَى الْقيَاس مجازية من قبيل إِسْنَاد الْفِعْل إِلَى السَّبَب. (وَمن الأول) أَي مِمَّا يُمكن رده إِلَى فعله تَعَالَى (تَقْدِير الْفَرْع بِالْأَصْلِ فِي الحكم وَالْعلَّة فَإنَّك علمت أَن التَّقْدِير يُقَال) أَي يُطلق لُغَة (على التَّسْوِيَة فَرجع) التَّقْدِير الْمَذْكُور (إِلَى تسويته تَعَالَى محلا بآخر) أَي بِمحل آخر (على مَا ذكر) آنِفا من (أَنَّهُمَا) أَي المحلين (المُرَاد بهما) أَي بالفرع وَالْأَصْل (وَيقرب مِنْهُ) أَي من هَذَا التَّعْرِيف

<<  <  ج: ص:  >  >>